ورسمه، ورغبة في رفع بيت من أفضل البيوت، التي أمر الله عز وجل أن ترفع، ويذكر فيها اسمه، ولتنعم الجوارح، بمشاهدة هذه المشاهد المنعمة، والمواسم المعظمة، وتتزود بالتطوف على معاهد ما عهدته من العوارف المتممة، كل ذلك غرضاً في ذات الله تعالى غرضه، وأمر يستحب المرء إليه طلب ذلك الخير ويستنهضه.
وقد تم - بحمد الله تعالى - هذا الوطر، واقتضى الإياب إلى النظر في المصالح، والرأي الجميل النظر، وتفجرت - بحمد الله تعالى - منابع الخير وفاضت، وعادت روابض الأمر إلى أشرف حالاته وآضت، وانبعثت موارد البركات بعد ما غارت في غير هذا الزمن المذكور وفاضت، ونسأل الله تعالى عوناً على شكر هذه النعم التي عمت ملابسها، ووعت الأفئدة نفائسها، وخاب عن رحماها خاسر الكلمة وبائسها.
وان الله تعالى، قد قضى بأن يكون شرف صاحبه به وامتساكه، وبين العدل والجور حياة العالم وهلاكه، فالسعيد من لقي ربه مبرأ من اتباع الهوى سليماً، والشقي من أتى مليماً، باكتساب الكبائر ملوماً، " ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه، وكان الله عليماً حكيماً "، والله سبحانه يهب الرحمة للمسترحمين، ويحب الرفق ويحل به كنفه الأمين، وفي الحض على ذلك يقول وهو أصدق القائلين " واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين " وبرحمته سبحانه بسط لعباده النعماء، وبرأفته كشف عنهم العماء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما يرحم الله من عباده الرحماء.
وقد اتصل بنا - وفقكم الله تعالى - أن من لا يتقي الله ولا يخشاه، ولا يراقبه في كبيرة يغشاها وتغشاه، ولا يؤمن بيوم الحساب فيما أذاعه من المنكر وأفشاه، يتسلطون بأهوائهم على الأموال والأبشار، وينتشرون بالقتل بأعراض الدنيا أقبح الانتشار، يستحلون حرمات المسلمين من غير حلها، ويسارعون إلى نقض عقد الشرع وحلها، ويصفون الشدة والغلظة بطراً ورياءً في غير محلها، ويبتدعون من وجوه المظالم ما تضعف شواهق الجبال عن حملها، ويستنبطون من فواحش الآثام ما تذهب نفوس المؤمنين لأجلها، ويتسببون إلى قتل المسلمين، فضلا عن استباحة أموالهم وأعراضهم بتلبسات يسيئونها، ومزورات يضيفونها إليهم وينسبونها، وينظرون إلى اهتضام حق الله تعالى فيهم بأباطيل