للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعدونها ظلماً ويحسبونها، ويسعون في استئصال نفوسهم بكل قاطعة موجعة، ويعيثون فيهم بكل غاضبة للقلوب منتزعة، والنبي، صلى الله تعالى وملائكته الكرام عليه وسلم يقول: " من قتل عصفوراً بغير حق عبثاً، جاء يوم القيامة وله صراخ عند العرش يقول: يارب سل هذا فيم قتلني عبثاً من غير منفعة " ولا يلتفتون إلى عاقبته ولا ينظرون، ولا يحرون بآذانهم ما يفعل الله بأمثالهم ولا يخطرون " يخادعون الله والذين آمنوا، وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ".

هيهات هيهات، إنهم ساء ما كانوا يعملون، تالله ليأتينهم من العقاب الأليم في أقرب أمد ما يهدهم هداً، ويجعل بينهم وبن النجاة من اشتداد الهلكة سداً، ويتأصلهم بصواعق الانتقام فقد جاءوا شيئاً إداً. أما علموا أن الله تعالى يطلع على نجواهم، ويوقعهم في مهاوي بلواهم، ويلبسهم أردية سرائرهم فيما استهواهم الشيطان به. واستغواهم. أما علموا أن أمر المهدي رضى الله تعالى عنه تساوى في الحق به أضعف المسلمين وأقواهم، ألم يقل رسول الله صلى الله تعالى وملائكته الكرام عليه وسلم: " المسلمون تنكفي دماؤهم ويسعى لذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم ". لقد أمنوا مكر الله جرأة عليه وإقداماً، وأعمت الشهوات بصائرهم إذهاباً لنور الحق من نفوسهم وإعداماً، وتالله لو تعين لنا فاعل ذلك وتشخص، لما خرج من حياله مكروه ولا تخلص، ولسارع إليه من أسرع عقابنا ما يمحو رسمه محو الفنا، ويكتب يديه بما قدمتا من الخنا. ولقد ذكر لنا من تلك المظالم المستغرقة لأنواع المآثم، الموبقة لأهلها حين يقرع سن الندم النادم، أن أولياءك الخائضين في غمرات أبحرها، المثيرين لأسباب منكرها، الصارمين لعلق الشريعة، القاطعين لأبهرها، يمدون أيديهم إلى ضرب الناس بالسياط، إبلاغاً في الانتهاء بكثرتها وإمجاشاً، ويتسببون بذلك إلى أخذ أموال الناس إيغالا للصدور وإيحاشاً، وذلك أمر معاذ الله أن يرضى به مؤمن بالله، أو يتجه إليه حق بنوع من الاتجاه، ما أبعد العدل - أصلحكم الله تعالى - عن هذه الأمثال والأشباه.

وقد علمتم أن عادتنا فيما يستوجب الضرب أو يستحقه، ممن يظلم الأمر الشرعي أو يعقه بحدود معلومة، دون إفحاش ولا انتهاك، ومواقف مرسومة تقابل كلا بمقتضى جرمه من أثيم أو أفاك.

ولقد ذكر لنا في أمر المغارم والمكوس والقبالات، وتحجير المراسي وغيرها

<<  <  ج: ص:  >  >>