للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراضيهم، وقتل زعيم الثورة سبع بن منعفاد، وصلبت جثته، وأذعنت سائر صنهاجة في تلك المنطقة، وتضرعت إلى الصفح والأمان، فأُجيبت إلى ما طلبت. وتم قمع ثورة غمارة في أوائل شوال سنة ٥٦٢ هـ (أغسطس سنة ١١٦٧ م). واستولى الموحدون على غنائم هائلة من الماشية ودواب الحمل، وأسروا من الثوار نحو أربعة آلاف. وعاد الخليفة أبو يعقوب في عساكره المظفرة إلى حضرة مراكش، وصدرت عن هذا الفتح رسالة مطولة بقلم الكاتب أبي الحسن بن عياش مؤرخة في الرابع عشر من شوال، ووجهت إلى سائر الموحدين والأشياخ والطلبة بالمغرب والأندلس (١)، وعين الخليفة أخاه السيد أبا الحسن على والياً على سبتة وسائر منطقة الريف وغمارة.

ومما هو جدير بالذكر أنه لم تمض على إخماد فتنة غمارة بضعة أشهر، حتى حدثت فتنة جديدة، وثار بعض البطون البربرية بجبل تاسررت، وأعلنوا خلع الطاعة، فسار إليهم السيد أبو حفص أخو الخليفة في عسكر وافر من الموحدين واشتد في قتالهم، حتى مزقهم واستأصل شأفتهم (٢).

- ٣ -

أشرنا فيما تقدم إلى ندب الخليفة أبي يعقوب للحافظ الشيخ أبي عبد الله بن أبي إبراهيم

لولاية غرناطة وذلك في شعبان سنة ٥٦٢ هـ. وكان أول ما عنى به الوالي الجديد، أن يطهر أحواز غرناطة من عدوان المرتزقة النصارى من أحلاف ابن مردنيش، وكانت قوة منهم تحتل حصن " لبه " الواقع فيما بين غرناطة ووادي آش، وتعيث باستمرار في تلك المنطقة، وتبث فيها الخراب والروع، وتصل أحياناً إلى أسوار غرناطة، وتهدد أمنها وسلامتها، فحشد الحافظ أبو عبد الله قواته وسار إلى حصن لبه المذكور، وهاجمه بشدة، واقتحمه عنوة، ومزق حاميته من النصارى، وقضى بذلك على عيثها وشرها، وعاد ظافراً إلى غرناطة، وبعث إلى الخليفة ينبئه بسعيه، فبعث إليه الخليفة برسالة يعرب فيها عن شكره ورضاه.

على أن أهم حوادث الأندلس التي وقعت في تلك الفترة، كان مسرحها


(١) ابن صاحب الصلاة في " المن بالإمامة " لوحة ٨٢ أوب، وكذلك لوحة ٩٦. والبيان المغرب القسم الثالث ص ٦٩، و ٧٠ و ٧١. وينقل إلينا ابن صاحب الصلاة رسالة الفتح بأكملها وهي تشغل اللوحات من ٨٤ إلى ٩١.
(٢) ابن صاحب الصلاة لوحة ١١٣ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>