للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستلبوه، وأخذوا كل من فيها سبياً وفَنْياً " (١).

وكانت أول قاعدة إسلامية غزاها جيرالدو في ذلك القطاع من ولاية الغرب، هي مدينة تَرجالُه (٢) الواقعة شمالي ماردة على مقربة من نهر التاجُه، فدهمها في شهر جمادى الأولى سنة ٥٦٠ هـ (مايو سنة ١١٦٥ م)، ثم انقض على مدينة يابُرة في شهر ذي القعدة من نفس العام (سبتمبر ١١٦٥)، وباعها مع ترجالُه إلى النصارى. ثم سار إلى مدينة قاصرش (٣) الواقعة غرب ترجالُه، واستولى عليها في صفر سنة ٥٦١ هـ (ديسمبر ١١٦٥)، وتبعها بالاستيلاء على حصن منتانجش الواقع في جنوبها الشرقي في جمادى الآخرة من نفس العام. واستولى أخيراً على حصن شرْبة، ثم حصن جلمانية (٤) الواقع على مقربة من غربي بطليوس، واتخاذه قاعدة للإغارة عليها، والتضييق على أهلها. وكانت هذه الغزوات المتوالية التي وقعت بولاية الغرب في نفس الوقت الذي شغل فيه الموحدون بمقاتلة ابن مردنيش في شرقي الأندلس، مقدمة لغزو بطليوس وسقوطها، وتحريك الموحدين بذلك إلى المبادرة إلى خوض الصراع مع النصارى، لاسترداد بطليوس، وحماية ولاية الغرب الأندلسية من السقوط.

وشغل الخليفة أبو يعقوب في العام التالي - سنة ٥٦٢ هـ - حسبما رأينا بقمع فتنة غمارة. وفي أوائل سنة ٥٦٣ هـ (١١٦٧ م) اتفق رأي الموحدين على تجديد البيعة للخليفة. وليس في أقوال الرواية ما يوضح سبب هذا الإجراء في تجديد بيعة سبق عقدها عقب وفاة الخليفة عبد المؤمن، واستكمالها في سنة ٥٦٠ هـ، حينما تمت بيعة السيد أبي سعيد والسيد أبي عبد الله لأخيهما الخليفة، وتسمى أبو يعقوب عقب ذلك بأمير المؤمنين، اللهم إلا أن يكون ذلك عنواناً لإجماع سائر البلاد والقبائل على الطاعة بعد إخماد ثورة غمارة التي شملت منطقة كبيرة حساسة في شمالي المغرب، والتي اقتضى إخمادها أن يسير إليها الخليفة بنفسه. ويزف ابن صاحب الصلاة إلينا هذا الإجراء كعادته في ألفاظ منمقة،


(١) في كتاب المن بالإمامة لوحة ١١٨ أ. وراجع أيضاً البيان المغرب القسم الثالث ص ٧٨، وكذلك ابن خلدون ج ٦ ص ٢٣٩.
(٢) هي بالإسبانية " Trujillo ".
(٣) هي بالإسبانية " Caceres ".
(٤) منتانجش بالإسبانية Montanchez، وشربه Serpa، وجلمانيه urumena.

<<  <  ج: ص:  >  >>