للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على غوثها، والانتواء لنصرتها، والعمل على قصد ذلك بالمباشرة، والمشاهدة، إشفاقاً على ما استضام منها جيرتها الأعداء، وأبناؤها الأغفاء، مجسمين وروما، وما كادوها به من التكلف والتحيف والتنقص، وفغر الأفواه، وكسر الثيوب والأرصاد، لغيض ما فاض فيها من نور التوحيد، وخفض ما نصب من أعلام هذا الأمر، والمناصبة للمنحاشين إليه، المتعلقين بأسبابه، المستذمين بذمته، ممن صح ولاؤه، وصدقت طاعته، وخلص على السبك، ونصح على السبر، ونجعل لها من الفكر حظاً يستحق الصدق على ما سواه من الأفكار، ويأخذ السبق على غيره من معنيات الأمور ".

ثم تقول الرسالة إيضاحاً لحركة الشيخ أبي حفص، وتأكيداً لنيات الخليفة في الاضطلاع بأعباء الجهاد:

" ورأينا في أثناء ما نحاوله من مروم هذه الغزوة الميممة المباشرة، أن نقدم بين أيدينا عسكراً مباركاً من الموحدين أعانهم الله، صحبة الشيخ الأجل أبي حفص أعزه الله، ليكون تقدمة لجواز جمهور الموحدين، ومؤذناً بما عزمنا عليه. والله المستعان من التحرك لجملة أهل التوحيد، والقصد لهذا الغزو الميمون، الذي جعلناه نصب العين وتجاه الخاطر، فتتعاونون مع إخوانكم الواصلين على بركة الله إليكم، على جهاد أعدايكم، إلى أن يوافيكم إن شاء الله هذا العزم، ويلم بكم هذا القصد، ويعتمدكم هذه الحركة المحكمة أسبابها، المبرمة أمراسها، التي انعقدت بها النية، واحتدمت لها في ذات الله الحمية، واستعانت بتوفيق الله في تأصيل أصولها الفكرة الموجهة والمروية، وإنا لنرجو من المبلغ لآمال القلوب، المتفضل بإدراك كل مطلوب، أن يهب فيها من العون ما يتمم مبدأها، ويكمل منشأها، وتشفى به صدور أوليائه بالنعمة في أعدايه، وإن فضله تعالى ليسمح ببلوغ هذه الأمنية، والإطلال منها على كل شرف وقنية، فما ذلك على الله بعزيز " (١).

وفي خلال ذلك كان ألفونسو هنريكيز ملك البرتغال، قد وضع خطته للاستيلاء على مدينة بطليوس بالتعاون مع جيرالدوا " سمبافور" أو" جيرانده الجليقي " حسبما تسميه الرواية الإسلامية. وكان ملك البرتغال قد قام في سنة ١١٦١ م


(١) أورد لنا ابن صاحب الصلاة نص هذه الرسالة في " المن بالإمامة " لوحات ١٢٠ - ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>