للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذي القعدة سنة ٥٦٥ هـ (أغسطس سنة ١١٧٠ م) ومعه أخوه السيد عثمان أبو سعيد، وعدة من الأشياخ والحفاظ الموحدين، ومن زعماء الأندلس، أبو محمد سيدراى بن وزير، وأخوه أبو الحسن على بن وزير، وعدة من القادة الأندلسيين النازلين بمراكش، صحبهم لينتفع بخبرتهم ومشورتهم في تدبير شئون الجزيرة، وتنظيم الخطط العسكرية بها. فوصل في قواته إلى إشبيلية في أوائل سنة ٥٦٦ هـ. ووافاه بها من قرطبة الشيخ أبو حفص عمر بن يحيى ومعه إبراهيم بن همشك.

وعقد السيد أبو حفص وصحبه من الأشياخ والزعماء مؤتمراً لبحث شئون الحرب، تقرر فيه أن يبادر السيد أبو سعيد أولا في عسكر إلى مدينة بطليوس، لتقوية جبهتها الدفاعية. فسار إليها في جيش من الموحدين والعرب، ومعه من زعماء الأندلس سيدراى ابن وزير، وأبو العلاء بن عزون، وقد جاءت هذه الحركة في الواقع في الوقت المناسب، إذ كانت بطليوس في تلك الآونة بالذات عرضة لخطر غزو جديد.

ذلك أن فرناندو الثاني ملك ليون، لما رأى نشاط البرتغاليين المتكرر في مهاجمة بطليوس، وإلحاح جيرالدو سمبافور في إرهاقها، وما حل بقافلة الأمداد الموحدية من هزيمة ساحقة، خشى أن ينتهي الأمر بسقوط المدينة في أيدي البرتغاليين. وقد رأينا من قبل حرص ملوك قشتالة وليون على اعتبار بطليوس وما إليها داخلة في نطاق فتوحاتهم، وحرصهم على ألا يفوز البرتغاليون بأية فتوح في هذه المنطقة. ومن ثم فقد خرج فرناندو في قواته قاصداً إلى بطليوس ليقوم بالاستيلاء عليها، قبل أن تسقط في أيدي البرتغاليين ومليكهم ألفونسو هنريكيز، وفي الوقت الذي وصل فيه إلى سهل الزلاّقة الواقع شمال شرقي بطليوس على مقربة من نهر وادي يانه، اقترب الموحدون من المدينة، ولما علم السيد أبو سعيد بالموقف، أرسل سيدراى بن وزير، وأبا العلاء بن عزون، وبعض أشياخ الموحدين إلى المعسكر النصراني، ليتعرفوا نيات ملك ليون، وهل هو باق على صلحه ومحالفته للموحدين أم قد نقض هذا الصلح، فرحب بهم ملك ليون، وأجابهم بأنه خرج لحماية بطليوس، " وإمساكها لأمير المؤمنين " فاقترح الرسل أن يجتمع الملك النصراني بالسيد أبي سعيد، لتجديد الصداقة والصلح، فاستجاب فرناندو لدعوتهم، وسار في نفر من خاصته إلى مقربة من بطليوس، والتقى بالسيد أبي سعيد وكلاهما ممتطى صهوة جواده، وتم بينهما التفاهم وتوكيد أواصر المودة والصلح، وانصرف ملك ليون على أثر ذلك في قواته إلى بلاده.

<<  <  ج: ص:  >  >>