للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحادي والعشرين من شهر سبتمبر سنة ١١٧٧ م. وفي الحال حول مسجدها الجامع إلى كنيسة، جرياً على القاعدة المأثورة، ثم جعلت قونقة بعد ذلك مركزاً لأسقفية. وكان سقوط قونقة ثغرة خطيرة في خط الدفاع الشمالي الشرقي الأندلسي، وكان تقصير الموحدين أو قصورهم في إنجادها وإنقاذها، ينطوي على خطأ عسكري خطير، يكشف عن ناحية أخرى من ضعف وسائل الدفاع الموحدي عن شبه الجزيرة الأندلسية (١).

وانتهز فرناندو الثاني ملك ليون (الببوج) نفس الفرصة في الإغارة على الأراضي الإسلامية، فخرج في نفس العام بقواته، وغزا فحص إشبيلية، ووصل في سيره حتى أحواز مدينتي أركش وشريش جنوبي إشبيلية. فخرج إليه الموحدون من إشبيلية، فلحقوا بقوة من النصارى من أهالي منطقة طلبيرة، وكانت قد خرجت فيما يبدو للانتقام مما أنزله الموحدون بأراضيهم، فأحدق بها الموحدون وأبادوها، واستنقذوا ما كان معها من الغنائم والماشية، وأسروا منها ثمانين، أخذوا إلى إشبيلية، وهنالك ضربت أعناقهم أمام الخليفة والأشياخ (٢).

ووقع في غربي الأندلس عدوان مماثل، وحذا ألفونسو هنريكيز ملك البرتغال حذو زميليه ملكي قشتالة وليون، وقد اعتزم مثلهما أن ينقض الهدنة التي عقدها مع الخليفة الموحدي. وكانت مدينة باجة هدفه مرة أخرى، وخصوصاً بعد أن عمرت واستردت رونقها ورخاءها. فسار إليها في سنة ٥٧٣ هـ (١١٧٧ م)، وانتسف زروعها، ونازلها أياماً حتى كاد أن يتغلب عليها. ثم تركها وسار بقواته، نحو الجنوب الشرقي قاصداً وادي إشبيلية، ووصل في زحفه إلى ضاحيتها الغربية طريانة، فدخلها وأثخن فيها، وعاث في أحواز إشبيلية، ثم عاد إلى باجة مرة أخرى فوجدها خراباً وقد أقفرت من أهلها. وكان أهل باجة في تلك الأثناء قد أصابتهم محنة أخرى، اضطرتهم إلى الفرار من مدينتهم. وذلك أن واليها عمر بن تيمصلت خرج منها بجندها وفرسانها، وانضم إليه علي بن وزير حاكم حصن شربة في قواته، وأغار على فحص أبي دانس، ونشب القتال بينهم وبين النصارى. وفي أثناء ذلك قدمت قوة من نصارى شنترين فجأة، وانضموا


(١) راجع البيان المغرب - القسم الثالث ص ١١٠ و ١١١. وراجع أيضاً:
M. Lafuente: Historia General de Espana T. III. p. ٣٢٦ & ٣٢٧
(٢) البيان المغرب - القسم الثالث ص ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>