للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى إخوانهم في مقاتلة الموحدين، فانهزم ابن تيمصلت وزميله ابن وزير وأسرا مع جملة من الفرسان والرجالة، وقتل الباقون، ووصل الخبر إلى أهل باجة فبادروا بالفرار من مدينتهم في الأهل والولد، وقصدوا إلى مدينة ميرتلة، وذلك في شهر المحرم سنة ٥٧٤ هـ (يوليه ١١٧٨ م) وحُمل ابن تيمصلت وزميله ابن وزير إلى قلمرية، وعذب ابن تيمصلت ثم أعدم، وافتُدي ابن وزير بأربعة آلاف دينار (١).

وتقدم إلينا الرواية البرتغالية قصة هذه الغزوة في صورة أخرى، فتقول إن الذي قام بغزو وادي إشبيلية هو سانشو ولد ألفونسو هنريكيز وولي عهده، وذلك في سنة ١١٧٨ م (٥٧٤ هـ) وأنه بعد أن هزم الموحدين في ظاهر طريانة، سار لغزو مدينة لَبلة، ولكنه علم عندئذ أن جيشاً موحدياً قد سار لمحاصرة باجة، فبعث قوة مختارة من فرسانه ردت المهاجمين، ثم لحق بها بباقي قواته، وهزم الموحدين مرة أخرى، وبقيت باجة في حوزة البرتغاليين (٢).

وعلى أثر هذه الأحداث المتوالية، استدعى الخليفة أبو يعقوب أخويه السيدين أبا علي الحسين والي إشبيلية، وأبا الحسن علي والي قرطبة إلى حضرة مراكش، فغادرا إشبيلية في اليوم الثامن من شهر رمضان سنة ٥٧٣ هـ (٢٧ فبراير ١١٧٨ م)، ومعهما أبو علي بن عزون وجملة من أشياخ الموحدين بإشبيلية، فلما وصلا إلى الحضرة بحث معهما الخليفة طويلا في شئون الأندلس، وفيما يجب عمله لمحاربة النصارى، والدفاع عن أراضي المسلمين. ثم أمرا بالانصراف إلى شبه الجزيرة، فوصلا إليها في المحرم سنة ٥٧٤ هـ (يونيه ١١٧٨ م).

وفي نفس هذا العام، أعني سنة ٥٧٣ هـ، قام الخليفة أبو يعقوب بحركة تطهير شاملة بين وزرائه وعماله، فنكب وزيره أبا العلاء إدريس بن إبراهيم ابن جامع وبنيه، فقبض عليهم، واستصفى أموالهم، ونفاهم إلى مدينة ماردة بالأندلس، فأقاموا بها في فقر وضعة نحو ستة أعوام، حتى توفي الخليفة أبو يعقوب، فعفا عنهم ولده الخليفة أبو يوسف. وكان بنو جامع يتولون وزارة الخليفة الموحدي، منذ بداية حكمه، أي منذ خمسة عشر عاماً، وعميدهم إدريس ابن جامع، هو ولد إبراهيم بن جامع من أصحاب أهل الدار، أعني من قرابة


(١) البيان المغرب ص ١٠٧ و ١٠٨.
(٢) H. Miranda: Imperio Almohade, T. I. p. ٢٧٧ & ٢٧٨

<<  <  ج: ص:  >  >>