للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهدي ابن تومرت، فلما سما شأنهم، وتمكن سلطانهم، طغوا كالعادة وبغوا، فنكبهم أبو يعقوب ليتخلص من نيرهم. ونكب الخليفة عدة آخرين من العمال، وأعدم بعضهم، وكان من هؤلاء أبو عبد الله بن المعلم مشرف إشبيلية، وابن فاخر مشرف سجلماسة، وأبو الحسن علي بن حنون، وغيرهم (١).

وفي سنة ٥٧٤ هـ، بعث الخليفة ابني السيد أبي الحسن والي قرطبة، إلى الأندلس، فولى أبو زيد نظر غرناطة، وولى أبو محمد عبد الله نظر مالقة. ولم يمض قليل على ذلك حتى توفي أخو الخليفة السيد أبو علي الحسين والي إشبيلية، ثم أخوه السيد أبو العباس بن عبد المؤمن، وكان والياً لمدينة سجلماسة. وتوفي من أعلام الدولة الموحدية اثنان كانا من أركان حكومة الخليفة أبي يعقوب ومجلسه، وهما أبو علي بن عزون عميد زعماء الأندلس، والفقيه أبو محمد المالقي شيخ طلبة الحضر بمراكش، وكان من أقطاب الفقه والحديث والأدب، وحظى لدى الخليفة عبد المؤمن، ثم ولده الخليفة أبو يعقوب، وعلت مكانته في الدولة الموحدية. وكان يتولى رفع المسائل للخليفة، وتوصيل الرسائل الواردة، وقراءة كتب الفتح، ويتقدم للخطابة والصلاة بأمير المؤمنين، ويرفع إليه أشعار الشعراء في المناسبات المختلفة، ويلازم ركب الخليفة في الحركة والغزو، وكان له أدب بارع، وشعر جيد ولاسيما في الزهد (٢).

- ١ -

وفي العام التالي أعني سنة ٥٧٥ هـ (١١٧٩ م) اشتد عدوان البرتغاليين في البر والبحر. وكان ألفونسو هنريكيز قد نقض الهدنة التي عقدها مع الخليفة، وقام البرتغاليون بغزو وادي إشبيلية، ثم مدينة باجة، حسبما قدمنا، ثم تفاقم عدوانهم تباعاً، فعندئذ قرر الخليفة أن يقوم الموحدون بمجهود لرد هذا العدوان، فبعث أسطوله المرابط بسبتة تحت إمرة غانم بن مردنيش لغزو شواطىء البرتغال، فسار غانم صوب أشبونة، وهاجم ثغرها، واستولى على سفينتين من سفن البرتغاليين، وعاد بأسطوله إلى سبتة. فعندئذ سارت حملة بحرية برتغالية إلى الجنوب وهاجمت شواطىء ولاية الغرب الجنوبية، واستولت على جزيرة شلطيش، الواقعة قبالة


(١) المراكشي في المعجب ص ١٣٧، والبيان المغرب القسم الثالث ص ١١٢ أ.
(٢) البيان المغرب القسم الثالث ص ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>