للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولبة في مصب نهر أوديل، وأسرت كثيراً من سكانها المسلمين فبقوا في الأسر حتى افتداهم الخليفة أبو يعقوب (١).

ورأى الخليفة أن ينتقم لهذا الاعتداء، وأمر لانشغاله بغزوة قفصة التي نتحدث عنها بعد، بأن يقوم أسطوله بغزو البرتغال مرة أخرى، فخرج غانم بن مردنيش وأخوه أبو العلاء، في حملة بحرية، سارت إلى مياه البرتغال الشمالية، ورست عند سان مارتن دي بورتو شمالي أشبونة، ونفذ المسلمون إلى الداخل، وحاولوا مهاجمة " بورتو دي موس ". التي تقع على مقربة من الشاطىء، ولكن حاكمها البرتغالي الأميرال روبينو استنفر لمعاونته أهالي مدينة شنترين، وألكانينا التي تقع في شمالها، فهرعوا لإنجاده، ودبر البرتغاليون كميناً للمسلمين في جبال منديجا، وانقضوا عليهم، فمزقت صفوفهم، وأسر غانم وأخوه أبو العلاء، وجملة من أكابر الموحدين، واحتوى البرتغاليون على أسلابهم ومتاعهم، واستولوا على السفن الموحدية وأسروا من كان فيها، وساروا بها إلى أشبونة. ووقعت هذه الموقعة في منتصف شهر المحرم سنة ٥٧٦ هـ (١١ يونيه سنة ١١٨٠ م). وكتب غانم من موضع اعتقاله إلى الخليفة يلتمس الغوث، فعهد الخليفة إلى أخيه هلال ابن مردنيش بالنظر في فداء أخيه، فجمع المال اللازم لذلك، وبعث به إلى إشبيلية، فحمل إلى النصارى، وأفرج عن غانم وأخيه وبقية أصحابه (٢)، ولكن سنرى أن ابن عذارى، وهو صاحب هذه الرواية، يقدم لنا رواية أخرى عن افتداء غانم وأصحابه.

وحاول البرتغاليون أن يُتبعوا نصرهم، بنصر أكبر، فحشدوا أسطولا ضخماً سار بحذاء شاطىء ولاية الغرب بقيادة الأميرال روبينو، وكان مقصد البرتغاليين أن يقوموا بضربة لميناء سبتة مركز الأسطول الموحدي. ولكن قائد أسطول سبتة عبد الله بن جامع، وهو الذي تولى قيادته منذ أسر غانم، خرج منها بأسطوله، وخرج في نفس الوقت أسطول إشبيلية بقيادة أبي العباس الصقلي، واجتمعت الأساطيل الموحدية بثغر قادس، ثم سارت منه مجتمعة صوب شاطىء البرتغال الجنوبي، ثم انعطفت لتسير شمالا بحذاء شاطىء ولاية الغرب، وكان الأسطول البرتغالي قد بدأ عندئذ سيره نحو الجنوب، فالتقى الفريقان قبالة رأس إسبكل


(١) البيان المغرب القسم الثالث ص ١١٣.
(٢) البيان المغرب القسم الثالث ص ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>