للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جنوبي أشبونة، وكان من غرائب القدر أن وقع هذا اللقاء في الخامس عشر من شهر المحرم سنة ٥٧٧ هـ (أواخر مايو سنة ١١٨١ م) أعني لعام بالضبط من اليوم الذي وقعت فيه موقعة " بورتو دي موس " وعلى مقربة من المكان الذي رسا فيه الأسطول الموحدي بقيادة غانم بن مردنيش، فنشبت بين الأسطولين معركة بحرية عنيفة هزم فيها البرتغاليون شر هزيمة، وقتل قائدهم الأميرال روبينو، واستولى المسلمون على عشرين سفينة من سفنهم، وأسروا نحو ألف وثمانمائة أسير، وغنموا غنائم وفيرة من العتاد والسلاح، وكان نصراً موحدياً باهراً. وبادر القائدان الظافران ابن جامع والصقلي، فسارا إلى الحضرة في الأسرى، والغنائم وقدماها إلى أمير المؤمنين، فأمر بتخصيص بعض الأسرى لافتداء غانم بن مردنيش وأصحابه، وأمر بإعدام الباقين (١).

وقام القشتاليون في نفس الوقت ببعض الغارات في أراضي الأندلس من ناحية طليطلة، وأثخنوا فيها كالعادة تخريباً وسبياً، بيد أن المعركة الرئيسية، كانت تضطرم بين الموحدين والبرتغاليين. ذلك أنه في نفس الوقت الذي وقعت فيه المعارك البحرية السالفة الذكر بين الفريقين، كان الموحدون يغزون أراضي البرتغال الداخلية، ففي فاتحة سنة ٥٧٧ هـ، خرجت من إشبيلية، حملة موحدية قوية بقيادة أبي عبد الله محمد بن وانودين الهنتاني، وسارت نحو الشمال الغربي صوب مدينة يابرة وعاثوا في أحوازها، وانتسفوا الزروع والكروم والثمار والأشجار، واستاقوا كثيراً من الماشية، وامتنع البرتغاليون داخل المدينة، والمسلمون يثخنون في كل ناحية من نواحيها. وفي ذات يوم خرج البرتغاليون من يابرة فجأة، واشتبكوا مع الموحدين في معركة حامية، فهزموا شر هزيمة، وقتل منهم عدد جم، ولجأ الباقون إلى المدينة. فأقام عليها ابن وانودين يومين ثم انصرف عنها، وهاجم في طريق عودته حصناً آخر للنصارى واستولى عليه، وسبى رجاله ونساءه، ثم عاد إلى إشبيلية، مثقلا بالغنائم والأسرى، وذلك في أواخر شهر محرم سنة ٥٧٧ هـ (يونيه سنة ١١٨١ م) (٢).

ولم يمض قليل على ذلك حتى خرجت حملة برتغالية، من أهل شنترين، وعبرت نهر وادي يانه، وسارت حتى فحص الشرف من أحواز إشبيلية، فخرج


(١) البيان المغرب القسم الثالث ص ١١٧ و ١١٨، وابن خلدون ج ٦ ص ٣٤١.
(٢) البيان المغرب القسم الثالث ص ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>