للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليهم عسكر إشبيلية، ونشب بينهما قتال عنيف قتل فيه من النصارى مائة وسبعون، ولكن البرتغاليين كانوا قد رتبوا كميناً، فخرج كمينهم واشترك في المعركة، فانهزم المسلمون وقتل منهم جماعة. وأغار القشتاليون في نفس الوقت على مدينة إستجة وعلى أراضي قرطبة. ثم انصرفوا دون قتال ولا مقاومة، وأحيط الخليفة بمراكش علماً بما حدث (١).

وفي العام التالي، أعني سنة ٥٧٨ هـ (١١٨٢ م) تفاقم عدوان البرتغاليين على أراضي الأندلس. فخرجت حملة برتغالية قوية قوامها فرسان شنترين، وأشبونة، وعبرت نهر وادي يانه، واجتاحت الشرف جنوبي إشبيلية، حتى وصلت إلى مدينة شلوقة (٢)، على مصب الوادي الكبير، فنازلتها في ألف فارس وألف راجل، واقتحمتها، وقتلت من كان بها من المسلمين، واحتوت على كثير من الأسرى والغنائم، ثم استولت على حصن القصر (٣) وغيره من حصون تلك الناحية، وعادت من طريق لَبلة، دون أن يقف في سبيلها أحد. وتفاقم في نفس الوقت عدوان القشتاليين، فخرج ألفونسو الثامن أو أذفنش الصغير كما تسميه الرواية الإسلامية في قواته، وسار أولا صوب قرطبة، وعسكر في ظاهرها، وذلك في الرابع من شهر صفر، ثم بعث طوائف من قواته سارت نحو مالقة، ورندة، وغرناطة، فساد الاضطراب في تلك القواعد الأندلسية، وارتفعت الأسعار، واشتد الضيق. واجتمع مجهود الموحدين الدفاعي حول إشبيلية، والتحوط لحمايتها، فوجه قائدها أبو عبد الله بن وانودين قواته إلى الأنحاء المجاورة، وتعزيزها، ووجه بعض عسكره إلى دفع القشتاليين عن فحص قرمونة، كل ذلك والقشتاليون يثخنون في الأراضي الواقعة بين قرطبة وإشبيلية، دون أن يردهم أحد، ثم سار ألفونسو الثامن إلى منازلة مدينة إستجّة، وكاد يتغلب عليها، ولكن واليها أبا محمد بن طاع الله الكومي استطاع أن يصمد فيها. فغادرها ألفونسو صوب إشبيلية، وهو يعيث في تلك المنطقة فساداً وتدميراً. وفي خلال ذلك تغلب القشتاليون الزاحفون نحو الجنوب على بعض حصون رندة، وأسروا فيه ألفاً وأربعمائة من المسلمين، وانتسفوا الزروع


(١) البيان المغرب القسم الثالث ص ١١٨، وابن خلدون ج ٦ ص ٢٤١.
(٢) وهي بالإسبانية سان لوكار Sanlucar la Mayor
(٣) وهو بالإسبانية Aznulcazar

<<  <  ج: ص:  >  >>