للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبنو وارتجان وبنو أبي خليفة، ويصلاتن، وزولات، وزواوة، وهوارة وغيرها.

وطول هذا الجبل مسيرة أربعة أيام، وينتهي طرفه إلى مقربة من تاهرت (١).

وقدم علي بن غانية على مليانة يدّر بن عائشة، ووقف بها أياماً، ثم عاد إلى بجاية، وهنالك جلس بمسجدها الجامع، فأقبل الناس لمبايعته والدخول في طاعته، والتف حوله الدهماء والعامة، واستخرج ما كان في المخازن من الأموال والثياب، وكسا أوباش العرب ومن انضم إليهم من الأخلاط والكافة، ولما رتب شئونه ببجاية، ترك بها رشيداً الرومي إلى جانب ابن أخيه يحيى، وسار في قواته إلى قسنطينة، ولكنها كانت على أهبة الدفاع، واستبسل أهلها في قتاله، وقتلوا جملة من رجاله ثم اعتصموا بمدينتهم، فضرب حولها الحصار، مؤملا أن تسقط في يده (٢).

وعلم الخليفة يعقوب المنصور، بتلك الحوادث المؤسفة، وهو ما يزال في بداية عهده، وما يكاد يبدأ حملته الإصلاحية، فاهتز لها، وأدرك في الحال خطورتها، واعتزم أن يبذل قصارى جهده لقمعها، فجهز حملة قوية من الجند المختارة قوامها عشرون ألف مقاتل مزودة بوافر العدة والآلات، وجعل قيادتها لابن عمه السيد أبي زيد بن أبي حفص، وسار في نفس الوقت أسطول موحدي كبير من سبتة، تحت قيادة أبي محمد بن إسحاق بن جامع، وأبي محمد بن عطوش الكومي، وأبي العباس الصقلي، وسارت القوات البرية والبحرية وفق خطة موحدة لمحاربة العدو، متعاونين في البر والبحر، وسار الجيش الموحدي أولا إلى فاس، وتوقف بها وقتاً لاشتداد البرد والأمطار، ثم رحل إلى تلمسان وكان بها السيد أبو الحسن بن أبي حفص، وقد حصن أسوارها وشحنها بالمقاتلة ومعه السيد أبو الربيع والي بجاية السابق، وكان قد لجأ إلى تلمسان، وتوقف بها يرتقب الفرصة لاستنقاذ أهله وذويه من قبضة العدو المغير.

وسار الجيش الموحدي من تلمسان شرقاً بحذاء الشاطىء، والأسطول يحاذيه من البحر، وكان الخليفة يعقوب قد وجه إلى أهالي القواعد المغزوة، كتباً يعدهم فيها بالأمن والأمان والصفح والإحسان لمن تعاون مع العدو. واستطاعت الجواسيس


(١) الإدريسي في وصف المغرب وأرض السودان ومصر والأندلس " ص ٨٤ و ٨٥، وكذلك الاستبصار في عجائب الأمصار (طبعة جامعة الإسكندرية ١٩٥٨) ص ١٧١.
(٢) الرسائل الموحدية - الرسالة التاسعة والعشرون ص ١٧٢، و ١٧٣. والبيان المغرب - القسم الثالث ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>