للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوههم، ثم سرى الوباء إلى المدينة وكثر الموت. ووصلت أنباء تلك الحالة إلى الخليفة بمراكش، وكثرت لديه الأقوال في حق السيد أبي زيد، وقصوره عن معالجتها، فبعث إليه معاتباً، وحاثاً على العمل لتدارك الأمر، وغادر الأسطول في نفس الوقت مياه بجاية، عائداً إلى قواعده في سبتة.

وبالرغم من ابتعاد الميورقي عن بجاية وأحوازها، وتوغله في القفار الجنوبية فإنه بعث جملة من جنده تحت إمرة غزي الصنهاجي، فسار إلى مدينة أشير، واقتحمها، وقتل حافظها الموحدي، فبادر السيد أبو زيد إلى توجيه ولده السيد أبي حفص عمر في قوة موحدية ومعه أبو الظفر بن مردنيش في جملة أخرى من الأجناد، فساروا لقتال غزي وأصحابه، ونشبت بينهما معركة هزم فيها غزي وقتل، وأرسل رأسه إلى بجاية وعلق بها، واستولى أبو الظفر بن مردنيش على محلة العدو وحريمه وعتاده وماشيته، وحل عبد الله الصنهاجي كان أخيه غزي في الدفاع عن أشير، فاستماله القاضي أبو العباس بن الخطيب، وأغراه بالوعود، واستنزله من المدينة، ثم قبض عليه وأرسل إلى بجاية، حيث صلب إزاء رأس أخيه (١).

وكان من أحداث بجاية في هذا العام، أن قُتل رشيد الرومي قائد ابن غانية السابق، وقتل عدد من أهل بجاية ممن انحازوا إلى جانب بني غانية، وكان من هؤلاء أبناء القائد ابن حملة، وغُرب بنو حمدون من بجاية إلى سلا، لاتهامهم بالتواطؤ مع بني غانية، بعد أن أرغموا على تصفية أموالهم بها بثمن بخس، وأبعد غيرهم من الأعيان أيضاً إلى سلا، بعد أن صفيت أموالهم وديارهم (٢).

وعلى أثر ذلك استدعى السيد أبو زيد من قبل الخليفة إلى الحضرة، فسار إليها في حملة من صحبه بالرغم من اشتداد البرد والأنواء خلال فصل الشتاء، فلما وصل إليها أحسن الخليفة استقباله، وأكرم وفادته، وسرى بذلك عنه ما كان قد لحق به من أوزار الوقيعة، وتهمة القصور والإهمال.

وكان علي بن غانية، بعد أن استولى على توزر يطمح إلى الاستيلاء على قفصة. ونحن نذكر أن الخليفة أبا يعقوب يوسف، كان قد استرد قفصة في سنة ٥٧٦ هـ (١١٨١ م) وأخمد بها ثورة بني الرند، وكانت المدينة بالرغم من


(١) البيان المغرب - القسم الثالث ص ١٥٣.
(٢) البيان المغرب - القسم الثالث ص ١٥٤، وابن خلدون ج ٦ ص ٢٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>