للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتخاذها حاضرة لمملكته، فأمر بتجديد قصبتها، وكانت تسمى بالمهدية، إذ كانت بخططها وموقعها على البحر، وإحاطته بها، تشبه المهدية الفاطمية بإفريقية، وألقى بشأن تنظيمها وتجميلها بقية أوامره، ثم عاد إلى مراكش في منتصف هذا العام (٥٨٨ هـ)، واستقر بها، وهو دائب الاهتمام بأعمال الإنشاء، وتجديد الأهبات، واستكمال العدد (١).

وفي العام التالي سنة ٥٨٩ هـ، أمر المنصور بإقامة صرح عظيم حصين خارج إشبيلية ليكون منزلا للمجاهدين، وأن يكون موقعه في وسط الشَّرْف. ويقدم إلينا المراكشي بعض تفاصيل عن هذا الصرح، فيقول لنا، إن المنصور حينما عاد ظافراً من غزوته لاسترداد شلب، أمر أن يُبنى له على النهر الأعظم (نهر الوادي الكبير) حصن، وأن تبنى له في ذلك الحصن قصور وقباب، جارياً في ذلك على عادته من حب البناء، وإيثار التشييد، فتمت له هذه القصور المذكورة على ما أراد، وسمى ذلك الحصن حصن الفرج. ويضيف صاحب البيان المغرب إلى ذلك، وهو ينقل فيما يرجح عن ابن صاحب الصلاة، أن هذا الحصن أو القصر الكبير، قد كمل بمجالسه المشرفة على إشبيلية وما والاها من البطاح، وأنه جاء من أضخم ما عمل، وكان المنصور وهو بالحضرة دائب التشوف إلى متابعة أخبار هذا الصرح، والوقوف على ما تم فيه، وعلى صفاته، حتى إنه أمر أخيراً باستدعاء المشرف على بنائه إلى الحضرة ليقص عليه بنفسه كل ما يتعلق بهذا الصرح، وطرازه وصفاته (٢).

ووقعت في تلك السنة سنة ٥٨٨ هـ، ببلاد الزاب، جنوبي إفريقية، فتنة جديدة كان بطلها زعيم يدعى الأشل. وليس في الرواية الموحدية، ما يلقى ضوءاً على شخصية هذا الزعيم الثائر، ولا كنه دعوته، وكل ما هنالك أنها تقول لنا، إن الأشل قام ببلاد الزاب ودعا لنفسه، فالتف حوله شرذمة من العرب، وكثير من أشتات الناس من أهل تلك المنطقة، ومن أهل الجبال المجاورة ممن تصفهم الرواية " بالغوغاء والسفلة " وكان يلقي في روع أتباعه بأنه موعود بأمره، وأن


(١) البيان المغرب - القسم الثالث ص ١٨٨ و ١٨٩. ويقول ابن خلكان إن رباط الفتح كانت على هيئة الإسكندرية في الاتساع وحسن التقسيم وإتقان البناء وتحسينه (الوفيات ج ٢ ص ٤٣١) وهو قول تطبعه المبالغة.
(٢) المعجب ص ١٦٥، والبيان المغرب القسم الثالث ص ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>