للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد عز على الموحدين وعلى كافة المسلمين، واعتبروه سقطة من سقطات الملوك (١).

تلك هي تفاصيل موقعة الأرك العظيمة التي أحرز فيها الموحدون أعظم نصر، حققوه خلال حكمهم الطويل لشبه الجزيرة الأندلسية. على أن الرواية الإسلامية تقدم إلينا عن نتائج المعركة بعض الأقوال والأرقام المغرقة، وهي قبل ذلك تقدم إلينا عن عدد الجيش القشتالي أرقاماً لا يسيغها العقل لكي تتفق مع هذه النتائج.

وهي لا تقدم إلينا شيئاً واضحاً عن عدد الجيش الموحدي، وتكتفي بأن تتحدث عن عظمة حشوده، وبأن تصفه بأنه جيش يضيق له الفضاء (٢)، ولكنها تقول لنا إن جيش القشتاليين يزيد على ثلاثمائة ألف ما بين فارس وراجل (٣). ويقول الضبي إنه كان ينيف على خمسة وعشرين ألف فارس ومائتي ألف راجل (٤). أما عن خسائر النصارى، فيقول لنا صاحب روض القرطاس، إنه قتل في المعركة من الكفرة ألوف لا تعد ولا تحصى. ويقول لنا ابن الأثير ويتابعه النويري، إن عدد القتلى من الفرنج بلغ مائة ألف وستة وأربعين ألفاً، وبلغ عدد الأسرى ثلاثة عشر ألفاً (٥). بيد أنه توجد عن خسائر النصارى رواية أخرى أكثر اعتدالا، هي رواية يوسف بن عمر، مؤرخ الموحدين، التي نقلها إلينا صاحب البيان المغرب، وهو أنه قتل في المعركة من النصارى زهاء ثلاثين ألفاً (٦). ويأخذ بهذه الرواية صاحب كتاب " الحجب المستورة " وهو يتابع في روايته رواية البيان المغرب مع تعديلات يسيرة (٧). وأما عن خسائر المسلمين فيقول لنا ابن الأثير، ويتابعه النويري، إنه قتل من المسلمين نحو العشرين ألفاً، وهي رواية تبدو معقولة وربما مبالغاً فيها بعض الشىء من حيث الكثرة (٨)، وتقول لنا بعض الروايات الأخرى إنه قتل من أعيان المسلمين نفر قلائل، وإن عدد القتلى من المسلمين يبلغ نحو الخمسمائة وهو عدد ضئيل بالنسبة لاشتداد القتال، وطول أمد المعركة.


(١) روض القرطاس ص ١٥١.
(٢) ابن الأثير ج ١٢ ص ٤٥، والنويري (طبعة جسبار ريميرو السالفة الذكر ج ٨ ص ٢٧٤).
(٣) روض القرطاس ص ١٤٩.
(٤) بغية الملتمس (المكتبة الأندلسية) ج ٣ ص ٣٥.
(٥) ابن الأثير ج ١٢ ص ٤٥، والنويري؛ الطبعة المشار إليها ص ٢٧٤.
(٦) البيان المغرب - القسم الثالث ص ١٩٥.
(٧) كتاب المعجب المستورة في محاسن المقصورة (مخطوط المتحف البريطاني ص ١٥٤).
(٨) ابن الأثير ج ١٢ ص ٤٥، والنويري (الطبعة السالفة الذكر) ج ٨ ص ٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>