للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصدعت رداء الكفر كما ... صدع الديجور سنا قبس

لاقيت جموعهم فغدوا ... فرساً في قبضة مفترس

جاءوك تضيق الأرض بهم ... عدداً لم يحص ولم يقس

ومضيت لأمر الله على ... ثقة بالله ولم تخس

فأناخ الموت كلاكله ... بظباك على بشر رجس

وتساوى القاع بهامهم ... المرفض مع الحدب والضرس

فأولئك حزب الكفر ألا ... إن الكفار لفى نكس (١).

وأمر المنصور بتسريح الحشود والقبائل وسائر الجنود، على أن يكونوا على أهبة للاستعداد للجهاد في أية لحظة. وقضى فصل الشتاء بإشبيلية، وانتقل إلى حصن الفرج، الواقع جنوب غربي المدينة على الضفة الأخرى من النهر الأعظم (الوادي الكبير) وهو الحصن، الذي أمر بإنشائه قبل ذلك بقليل، وكان يحبه ويؤثر الإقامة فيه، وأمر باستكمال غروس بستانه، وإنشاء النواعير على شاطىء النهر تحت الحصن لريه، كما أمر بإصلاح المسجد الجامع، واستكمال بناء صومعته، وهو الجامع الذي كان قد أنشأه أبوه، وأمر بإنشاء صومعته قبيل وفاته بقليل. ولما انتهى الشتاء وأقبل الربيع، أمر المنصور باستئناف الحركة والاستعداد لمعاودة الجهاد، واستنفار مختلف الحشود من منازلها، فلما تم وصول مختلف الطوائف وحشدها، أمر الخليفة بتمييز الجيوش وتنظيمها، واستعدادها لاستئناف الغزو.

على أن المنصور، قبل أن يبدأ الحركة، رأى أن يستشير الزعماء والقادة في أمر توجيه الغزو، واختيار المنطقة الملائمة في أراضي النصارى لإجرائه. وفي أثناء ذلك تردد رسل ملك قشتالة في طلب المهادنة وعقد السلم، فرفض المنصور (٢)، واستقر الرأي على أن توجه الغزوة إلى ما تسميه الرواية الإسلامية " ببلاد الجوف " أعني منطقة إسترمادورة، وذلك لاسترداد ما انتزعه النصارى من قواعد هذه المنطقة. وخرج المنصور من إشبيلية في قواته في منتصف جمادى الأولى سنة ٥٩٢ هـ (٣) (منتصف أبريل سنة ١١٩٦ ذذ)، واتجه شمالا إلى حصن منتانجش (٤).


(١) راجع هذه القصيدة بأكملها في المعجب ص ١٦٥ - ١٦٧.
(٢) الرسالة الخامسة والثلاثون من رسائل موحدية (ص ٢٣١).
(٣) ذكر صاحب البيان المغرب أنه منتصف رجب. ولكن هذا التاريخ يتعارض مع سياق الحوادث ومع التواريخ التي توردها الرواية النصرانية.
(٤) ورد اسمه في الرسالة الموحدية الخامسة والثلاثين الخاصة بهذه الغزوة (منت أنتش) ص ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>