للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان حسبما أشرنا إليه من قبل من أمنع حصون منطقة بطليوس، فتقدمت لمهاجمته قوة من الأندلسيين، فلما رأت الحامية القشتالية مقدم الجيوش الموحدية الزاخرة، طالبت بالأمان والتسليم، فأجيبوا إلى ما طلبوا، وأمر قائد الجيوش الأندلسية أبو عبد الله بن صناديد، بتوصيلهم إلى المنطقة الآمنة، ولكن حدث حينما بدأوا السير أن هاجمتهم جماعة من " أوباش العرب " وسبت من كان معهم من النساء والأطفال، فغضب الخليفة لهذا الاجتراء والإخلال بالعهود المقطوعة، وأمر بسجن من عثر عليه من المعتدين، ورد النساء والأطفال إلى ذويهم، وأوصل الجند القشتاليين آمنين إلى أوائل بلادهم.

وقصدت القوات الموحدية بعد ذلك إلى مدينة تَرجالُه " قاعدة الثغر الشمالي " الواقعة شمال شرقي منتانجش، وشرقي مدينة قاصرش، وكان سكانها النصارى قد أخذوا في إخلائها، حينما شعروا باقتراب الموحدين، فاستولى الموحدون على المدينة، وطاردوا سكانها وأفنوا الكثير منهم، وسبوا الكثيرين من نسائهم. واستولوا كذلك على بلدة سانتا كروث " (١) القريبة منها، وكانت حاميتها قد لاذت بالفرار. ثم عبر الموحدون نهر التاجُه، واتجهوا شمالا نحو مدينة " بلاسنثيا " وهي التي تسميها رسالة الفتح الموحدية (ابلتانسية) وكان ألفونسو الثامن ملك قشتالة، قد انفق بضع سنين في إنشائها وتحصينها، ونقل إليها كثيراً من أهل الشمال، وكان أهلها المدنيون قد غادروها، وبقيت حاميتها في قلعتها، فاستولى الموحدون على المدينة ودمروها، ثم هاجموا القلعة وضربوها بالنبال ضرباً شديداً، حتى اضطرت الحامية بعد ليلة واحدة فقط من الاعتصام إلى التسليم، واعتبر أفرادها أسرى بحكم مقاومتهم (٢). ويقول صاحب الروض المعطار، وهو يسمى (بلاسنثيا) بلنسية، إن الموحدين فتحوها عنوة، وقبضوا على قائدها، مع مائة وخمسين من أعيان النصارى، وجهوا إلى خدمة الجامع الكبير بسلا مع أسارى معركة الأرك (٣). وتقول الرواية النصرانية إن الموحدين بالعكس قتلوا الأسقف والرهبان وكثيراً من النصارى.


(١) وتسميها الرسالة الموحدية " شنتقروص Santa Cruz وتصفها بالقلعة " الحسيبة في الامتناع " ص ٢٣٢.
(٢) الرسالة الموحدية السالفة الذكر، ص ٢٣٤.
(٣) الروض المعطار ص ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>