للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطبقاً لهذه الرواية تكون منارة الكتيبة سابقة على صومعة إشبيلية، وتكون هي أم هذا الطراز من الصوامع الموحدية، وعلى أي حال فقد تم إنشاء الكتبية في سنة ٥٩٤ هـ، قبيل وفاة المنصور بقليل (١).

ووزر للخيلفة المنصور في بداية أمره أخوه السيد أبو عبد الله. ثم خلفه في الوزارة أبو حفص عمر بن أبي زيد الهنتاني، ولما توفي خلفه أبو يحيى أبو بكر ابن عبد الله بن أبي حفص عمر الكبير، واستمر في منصبه إلى أن قُتل في موقعة الأرك وهو يقود الصفوف. فتولى الوزارة من بعده أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن الشيخ أبي حفص، وهو ابن عم أبي يحيى الشهيد المتقدم الذكر، ولكنه لم يلبث في الوزارة سوى أيام يسيرة، ثم تركها مختاراً وهام على وجهه في بعض نواحي إشبيلية، وتزهد، فأرسل الخليفة إليه من استرده وأعفاه من الوزارة، وخلفه في الوزارة أبو زيد عبد الرحمن بن موسى بن يوجّان الهنتاني، فلم يزل في منصبه حتى توفي الخليفة المنصور، فتولى الوزارة بتوصية الخليفة، لابنه محمد الناصر مدى حين (٢).

وكتب للمنصور عدة من أكابر الكتاب منهم أبو الفضل جعفر ابن محشرة من أهل مدينة بجاية، وكان تلميذاً لأبي القاسم القالمي، كاتب أبيه الخليفة أبي يعقوب، وكان كاتباً مجيداً، بارع الأسلوب، واسع الرواية غزير الحفظ، تشهد له بذلك رسائله العديدة التي انتهت إلينا، واستمر في منصب الكتابة حتى توفي. فكتب من بعده للمنصور أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن ابن عياش، وهو أندلسي من أهل بُرْشانة من أعمال ألمرية، واستمر في منصبه حتى توفي المنصور، فكتب من بعده حيناً لابنه محمد الناصر، ثم لحفيده يوسف. وكان من ألمع كتاب الدولة الموحدية وأبرعهم أسلوباً. وقد انتهت إلينا كذلك عدة من رسائله الصادرة عن الخليفة المنصور، ومنها الرسالة التي وضعها في اتهام ابن رشد وزملائه بالخروج على شريعة الإسلام، وكلها تشهد بروعة بيانه (٣).


(١) روض القرطاس ص ١٥١.
(٢) المعجب ص ١٤٨، والحلل الموشية ص ١٢١، والبيان الغرب القسم الثالث ص ٢٠٩.
(٣) راجع في مجموعة الرسائل الموحدية الرسالة السادسة والعشرين إلى الرسالة الرابعة والثلاثين وهي جميعها من إنشاء ابن محشرة، وراجع الرسائل الخامسة والثلاثين والسادسة والثلاثين والسابعة والثلاثين وهي من إنشاء أبي عبد الله بن عياش.

<<  <  ج: ص:  >  >>