للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غربي ميورقة محاولا انتزاعها من الموحدين، وكان ذلك في أوائل سنة ٥٩٧ هـ، خلال فصل الشتاء، حينما تكون الأساطيل الموحدية راسية في سبتة، فقاومته السفن الموحدية المرابطة بقيادة ابن ميمون، وانتزع ابن ميمون منه سفينتين وأحرقهما، فارتد إلى ميورقة خائباً. ولكنه سار في العام الثاني (٥٩٨ هـ)، وهاجم جزيرة مِنورقة وانتزعها من أيدي الموحدين، وولي عليها من قبله رجلا اسمه الزبير بن نجاح. والظاهر أن عبد الله كان قد ترامت إليه الأخبار عن مشروع الموحدين في غزو ميورقة، فأراد أن يبادر بإبعادهم عن هذه المياه، وتأمين ميورقة بالسيطرة على منورقة ويابسة جناحيها من الشرق والغرب.

وأخيراً تم إعداد الحملة البحرية المنشودة، مكونة من أسطول سبتة بقيادة السيد أبي العلاء إدريس بن يوسف بن عبد المؤمن، ومن جيش من الفرسان والرماة والرجالة، بقيادة الشيخ أبي سعيد بن أبي حفص. والتقت القوتان بثغر دانية، أقرب قواعد الأندلس البحرية إلى الجزائر. وكانت القوي البرية تتألف من ألف ومائتى فارس، وسبعمائة من الرماة، وخمسة عشر ألفاً من الرجالة غير غزاة القطع (أي السفن). وكان الأسطول يتكون من ثلاثمائة جفن (سفينة) منها سبعون غراباً، وثلاثون طريدة، وخمسون مركباً كباراً، ومائة وخمسون قارباً من مختلف الأنواع، وكانت الحملة مزودة بكميات كبيرة من العدد والسلاح والمجانيق والسلالم، ومختلف الأدوات، وكذلك من الدروع والسيوف والرماح والبيضات والدرق، والقسىّ، وصناديق النشاب، وكانت بالأخص مزودة بكميات وافرة من الطعام استعداداً لطول المقاومة أو طول الحصار. وأقلعت الحملة من ثغر دانية في أواخر سنة ٥٩٩ هـ (١٢٠٣ م)، فوصلت بعد أيام قلائل إلى جزيرة يابسة، فصلوا بها الجمعة، ثم أقلعت منها يوم السبت الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة (سبتمبر سنة ١٢٠٣) قاصدة إلى ميورقة (١). ويبدو مما يقوله صاحب البيان المغرب، أن السيد أبا العلاء، قد انحرف أولا بجزء من الأسطول نحو جزيرة منورقة، وانتزعها من ابن نجاح، وقبض عليه، وأرسله مع بعض صحبه مصفداً إلى الحضرة، وهنالك أعدم وعلقت رأسه (٢). وبذلك تم تأمين جناحى الحملة الموحدية، وتطويق ميورقة كبرى الجزائر. ثم أقبلت


(١) نقلنا هذه التفاصيل عن صاحب الروض المعطار (ص ١٨٩) وهو ينفرد بها.
(٢) البيان المغرب - القسم الثالث ص ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>