أول ولاتها من الموحدين، وعين لقضائها الفقيه المحدث عبد الله بن حوط الله. ثم ولى الناصر عليها عمه السيد أبا زيد بن أبي يعقوب يوسف، وندب ابن طاع الله لقيادة البحر.
وكان فتح الموحدين لميورقة ضربة شديدة لبني غانية، قضت نهائياً على سلطانهم في الجزائر، ومن جهة أخرى فقد كان له وقع عميق لدى الممالك النصرانية القريبة، ولاسيما مملكة أراجون المواجهة في شبه الجزيرة. وإلى هذا تشير رسالة الفتح صراحة بقولها " ولأخذُ ميورقة على صاحب أرغون وبرشلونة، أشدُّ من رشق النبل وأهول من وقع السيف، وأوحش من القطع بحلول الممات " وقد سبق أن أشرنا إلى ما كان يتبعه بنو غانية من سياسة المسالمة والمودة نحو الدول النصرانية المجاورة، ولاسيما مملكة أراجون وجمهوريتى جنوة وبيزة. وكانت تجمع بين بني غانية أصحاب الجزائر وبين أراجون بالأخص فكرة مشتركة، هي خصومة الموحدين والكفاح ضدهم وكانت أراجون وحليفاتها من الدول النصرانية لذلك، تنظر إلى سيادة بني غانية للجزائر بعين الإغضاء، ما التزم بنو غانية سياسة المودة والمسالمة. أما الآن، وقد احتل الموحدون الجزائر، فإنه كان لابد للدول النصرانية، وفي مقدمتها أراجون أن تتخذ نحو الجزائر موقفاً آخر. ومن المحقق أن أراجون ومن ورائها جنوة وبيزة كانت تطمع دائماً إلى انتزاع الجزائر من المسلمين. وقد جاء استيلاء الموحدين على الجزائر عاملا جديداً، يذكى هذه الرغبة ويؤكدها. على أن ظفر الموحدين بالاستيلاء على الجزائر، كانت تقابله من الناحية الأخرى، ضربة جديدة مؤلمة الموحدين في إفريقية. ذلك أن يحيى بن إسحاق بن غانية، كان يشعر حين ترامت إليه أنباء الحملة الموحدية، التي سيرت إلى الجزائر، أن مصير ميورقة قد بت فيه، وأنه لم يبق لبني غانية إلا أن يعملوا على توطيد أمرهم بإفريقية، وأنه لابد لتحقيق هذه الغاية أن يسحق سلطان الموحدين نهائياً في تلك المنطقة. وكان يحيى قد ظفر عندئذ بالاستيلاء على المهدية، والقضاء على خصمه ابن عبد الكريم. ففكر عندئذ في الاستيلاء على تونس عاصمة إفريقية. وكانت سائر الثغور الشرقية، وسائر القواعد الجنوبية القريبة من تونس قد سقطت في يد يحيى، وجردت العاصمة من سائر مواردها المعتادة، وكان والي إفريقية السيد أبو زيد لا يحتكم على قوي كافية للدفاع. ومن جهة أخرى، فإن انشغال الموحدين في نفس