للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان ممن شهد معه غزوة تلمسان، وسار إلى تونس ملتجئاً إلى الشيخ أبي محمد، لائذاً بطاعة الموحدين، فأكرم الشيخ مثواه، ثم استأذنه في السفر إلى الحضرة فأذن له، واستقبل هناك بالمودة والترحاب (سنة ٦٠٧ هـ).

وفي خلال ذلك كان الخليفة الناصر عاكفاً على معالجة الشئون الإدارية، والنظر في أعمال الولايات. وكان كثير التغيير والتبديل للولاة ورجال الدولة. ومن ذلك أنه في سنة خمس وستمائة، أقال أبا يحيى بن الحسن بن أبي عمران من الوزارة، وألزمه أن يبقى في داره، ثم عينه بعد ذلك والياً لميورقة مكان السيد أبي عبد الله بن أبي حفص، وعين السيد أبا عبد الله والياً لبلنسية، وقدم للوزارة أبا سعيد ابن أبي إسحاق بن جامع مكان أبي زيد بن يوجان. ثم عين أخاه السيد أبا إسحق والياً لإشبيلية، وأخاه السيد أبا محمد والياً لشرقى الأندلس، والشيخ أبا عمران بن ياسين الهنتاني والياً لمرسية، مكان أبي الحسن بن واجاج، وعين السيد أبا زيد والياً لجيان، وأبا عبد الله بن أبي يحيى بن الشيخ أبي حفص والياً لغرناطة. وعين لكتابة الديوان الكاتبين أبا محمد بن الحسن، وأبا عبد الله بن منيع، وكان كلاهما من الكتاب المجيدين، واختص الأول بكتب التوقيعات والظهائر، واختص الثاني بديوان العسكر، والتنفيذات السلطانية. وكذلك تناولت هذه التعيينات شئون القضاء فعُزل القاضي أبو عبد الله الباجى عن قضاء إشبيلية، وعُين مكانه أبو محمد عبد الحق بن عبد الحق. وعُين لقضاء قرطبة ابن حوط الله، مكان أبي علي بن أبي محمد المالقي، واستدعى أبو علي إلى الحضرة حيث قُدم على طلبة الحضر، وهو المنصب الذي كان يتولاه أبوه وإخوته من قبل. وعُين أبو إبراهيم ابن يغمور لقضاء بلنسية. وندب القائد أبو عبد الله بن عيسى المرسى لقيادة قوات الغرب بشلب، ونُدب أبو الجيش محارب لاستقبال ملوك الروم وسفرائهم، والاشتغال بإنزالهم وضيافتهم، والترجمة عنهم، مكان ابن عوبيل، وهي وظيفة مستحدثة في البلاط الموحدي، ولم يسبق أن وقفنا على ذكرها من قبل ضمن مناصب الإدارة الموحدية. ووقعت هذه التغييرات والتعيينات كلها في عام واحد، هو سنة ٦٠٧ هـ (١٢١٠ م) (١).

ووقعت بالمغرب في هذا العام عدة حوادث أخرى تستحق الذكر، منها


(١) البيان المغرب - القسم الثالث ص ٢٣٠ و ٢٣١ و ٢٣٣ و ٢٣٤، وابن خلدون
ج ٦ ص ٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>