للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنبال والسهام الممطرة، حتى اضطر النصارى إلى تسليم القلعة ومغادرتها. وقد استمر الحصار وفقاً لرواية صاحب الروض المعطار واحداً وخمسين يوماً. وكانت حامية القلعة، وفقاً للرواية المذكورة، حينما اشتد بها البلاء من جراء الضرب المروع المتواصل، وتساقط الحجارة الهائلة، قد طالبوا من الموحدين أجلا يتصلون فيه بملكهم ألفونسو الثامن ليستأذنوه في تسليم القلعة، إذا لم يستطع إنجادهم، وكان ألفونسو الثامن عندئذ بجوار طلبيرة يجد في أهباته، فاتصل به رسلهم، واضطر أن يوافق على تسليم القلعة لعجزه عن إمدادهم، ولأنه لم يكن قد استكمل أهباته بعد. فعادوا وسلمت شلبطرة للموحدين، فدخلوها وحولوا كنيستها في الحال مسجداً، ووفى الخليفة بوعده في ترك الحامية النصرانية تعود إلى بلادها، وكان ذلك في أوائل ربيع الأول سنة ٦٠٨ هـ (أواخر أغسطس سنة ١٢١١ م) (١). ويقول صاحب روض القرطاس إن الحصار قد طال بالعكس ثمانية أشهر، واستمر بذلك حتى دخل الشتاء واشتد البرد، وقلت المؤن وكلت عزائم الجند، وفسدت نياتهم التي قصدوا بها للجهاد، ونضبت المواد من الحملة، وأن ملك قشتالة لما وقف على ذلك وعلم أن شوكة المسلمين قد انكسرت، والحدة التي قاموا بها قد خمدت، تأهب لأخذ الثأر، وجاءته ملوك الروم وهم في غاية الاستعداد، ثم جاء ألفرنسو بقواته وهاجم قلعة رباح واستولى عليها. ويضع تاريخ تسليم شلبطرة في أواخر ذي الحجة سنة ٦٠٨ هـ، ثم يقول لنا إن ملك قشتالة، لما وقف على سقوط القلعة، سار وسائر من كان معه من ملوك الروم، وحشودهم والتقى بالموحدين في موضع يسمى " حصن العقبان " (٢). بيد أن هذه الرواية التي يستخلص منها أن سقوط شلبطرة في أيدي الموحدين، وسقوط قلعة رباح في أيدي القشتاليين، ثم نشوب معركة العقاب بين الفريقين، قد حدثت كلها متتابعة في حلقة واحدة، ينقضها أولا كتاب الفتح الصادر عن الخليفة ذاته بفتح شلبطرة، وهو مؤرخ في الثاني من شهر ربيع الآخر سنة ٦٠٨ هـ، ولابد أنه كتب بعد سقوط القلعة بأيام قلائل (٣)، ثم تنقضها أكثر من رواية وثيقة. فصاحب الروض المعطار يقول لنا، إن الناصر بعد افتتاح شلبطرة " رجع إلى إشبيلية ظافراً غانماً، ثم استغاث الأذفونش


(١) الروض المعطار ص ١١٠.
(٢) روض القرطاس ص ١٥٨، والبيان المغرب القسم الثالث ص ٢٣٨.
(٣) البيان المغرب - القسم الثالث ص ٢٣٨

<<  <  ج: ص:  >  >>