للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرأس فرسان قلعة رباح جوميث راميريس، وفرسان شنت ياقب بيدرو آرياس، ويرأس فرسان الأسبتارية ولد جوتيرو هرمنجلد، وكان الأساقفة يرأسون صفوف المحاربين من مختلف المدن، ويتولون الإنفاق على حشودهم. وقدم فوق ذلك عدة من أحبار فرنسا يقود كل منهم جماعة من المحاربين، وفي مقدمتهم مطران أربونة وأسقفا بوردو ونانت وغيرهم من أكابر رجال الدين.

ولم يأت شهر مايو سنة ١٢١٢ م، حتى اجتمع في قشتالة من المحاربين الصليبيين الذين هرعوا من جميع أنحاء أوربا لمعاونة اسبانيا النصرانية، زهاء ألفين من البارونات مع حاشياتهم، وعشرة آلاف من الفرسان والمقاتلة، وخمسين ألفاً من الرّجالة، أو بعبارة أخرى اجتمع من هذه الوفود الصليبية المختلفة جيش ضخم يبلغ زهاء سبعين ألف مقاتل، لمؤازرة الجيوش الإسبانية النصرانية، وكانت تتألف من جيوش قشتالة وأراجون ونافارا، ومن أمداد من جليقية والبرتغال. وتلقى ملك قشتالة، فوق ذلك، مقادير عظيمة من الأموال والسلاح، والمؤن، أرسلت إليه من أنحاء فرنسا وإيطاليا. ولم يأت شهر يونيه سنة ١٢١٢ م، حتى بلغ عدد الجيوش الوافدة على قشتالة أكثر من عشرة آلاف فارس، ومائة ألف من الرجالة. وأمر البابا إنوصان الثالث في رومه بالصوم ثلاثة أيام، التماساً لانتصار الجيوش النصرانية في اسبانيا على المسلمين، وأقيمت الصلوات العامة. وعمد رجال الدين والرهبان والراهبات إلى ارتداء السواد والسير حفاة، وسارت المواكب الدينية في الطرقات خاضعة متمهلة، من كنيسة إلى أخرى، وألقى البابا بنفسه موعظة صليبية، طلب فيها إلى النصارى أن يضرعوا إلى الله التماساً لنصر الإسبانيين (١).

وتشير الرواية الإسلامية إلى هذه الاستعدادات الضخمة كلها، وإلى ما سعى إليه ملك قشتالة من صبغ محاربته للموحدين بالصبغة الصليبية. وكان المراكشي أكثرهم إلماماً بذلك، إذ يقول: " وخرج الأدفنش لعنه الله إلى قاصية بلاد الروم، مستنفراً من أجابه من عظماء الروم وفرسانهم وذوى النجدة منهم، فاجتمعت له جموع عظيمة من الجزيرة نفسها ومن ألمان، حتى بلغ نفيره إلى القسطنطينية، وجاء معه صاحب بلاد أرغن المعروف بالبرشنونى لعنه الله " (٢). ويقول صاحب


(١) تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحدين لأشباخ (الترجمة العربية ص ٣٥٨ - ٣٦٠).
(٢) المعجب ص ١٨٢

<<  <  ج: ص:  >  >>