للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيان المغرب " فاستعد له (أي للقاء الناصر) وجمع أهل قشتالة أجمعين وغيرهم من سائر جموع ملوك النصرانية الذين هم للجزيرة مكتنفين " (١). ويقول أيضاً صاحب الروض المعطار " ثم استغاث الأذفونش بأهل ملته وحثهم على حماية دينهم، فاستجابوا له وانثالوا عليه من كل مكان " (٢). وأبلغ من ذلك ما ورد في كتاب الخليفة الناصر ذاته عن موقعة العقاب إذ يقول " إن صاحب قشتالة رأى أن يضرع لملوك أهل ملته، ويصانعهم على معونته بالتالد والطريف. . فبث القسيسين والرهبان من برتقال إلى القسطنطينية العظمى. . فجاءه عباد الصليب من كل فج عميق ومكان سحيق. . وكان أولهم سبقاً الإفرنج المتوغلون في الشرق والشمال " (٣) فهذه الفقرات الموجزة تدل دلالة واضحة، على أن الموحدين كانوا يعلمون بحقيقة الوسائل والاستعدادات البعيدة المدى، التي لجأ إليها ألفونسو الثامن ليقود إلى ميدان الحرب أكبر قوة نصرانية يمكن حشدها، وليسبغ صبغة الحرب المقدسة على المعركة التي يضطلع بها، مثلما كان المسلمون يسبغون صفة الجهاد في سبيل الله، على المعارك التي يخوضونها ضد النصارى.

وكان الموحدون من جانبهم يقومون بمثل هذه الاستعدادات، وقد استنفر الناصر عقب عوده من غزوة شلبطرة إلى إشبيلية، الناس من سائر الجهات، ليضاعف حشوده، وليدعم جيوشه، فاجتمعت له قوات جديدة كثيفة، وكان من الواضح أن الفريقين يرى كل منهما أن أجل اللقاء الحاسم يدنو بسرعة، ففي يوم ٢٠ يونيه سنة ١٢١٢ م، خرجت الجيوش النصرانية، من طليطلة قاصدة إلى الجنوب. وكانت مقسمة إلى ثلاثة جيوش رئيسية، جيش الطليعة ويتألف من قوات الوافدين، وقد قدرته بعض الروايات بستين ألف مقاتل، وقدره البعض الآخر بمائة ألف، وكان يقوده القائد القشتالي ديجو لوبيث دي هارو يعاونه عدد من أكابر الأحبار والقوامس. ويتألف الجيش الثاني من قوات أراجون وقطلونية وفرسان الداوية، ويقوده بيدور الثاني ملك أراجون. ويتألف الجيش الثالث، وهو جيش المؤخرة من قوات قشتالة وليون والبرتغال، وفرسان قلعة رباح وشنت ياقب والأسبتارية، ويقوده ألفونسو الثامن ملث قشتالة، يعاونه


(١) البيان المغرب - القسم الثالث ص ٢٤٠.
(٢) الروض المعطار ص ١٣٧.
(٣) البيان المغرب ص ٢٤١

<<  <  ج: ص:  >  >>