للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الاستيلاء على قلعة رباح دون تأخير ودون سفك دماء. ولكن حلفاءه من الأرجونيين والأجانب الوافدين، عارضوا في أية تسوية تحقن بها دماء الحامية الإسلامية. ولكن غلب الرأي بقبول هذا الحل في النهاية، خصوصاً، وقد صمم ابن قادس على الدفاع، إذا لم يجب إلى ما طلب من منح الأمان والحرية لرجاله. واتُّفق على أن يغادر الفرسان المسلمون القلعة دون سلاح، ومعهم خمسة وثلاثون من الخيل. وهكذا استولى ألفونسو الثامن على قلعة رباح، وسلمها في الحال إلى فرسان قلعة رباح، أصحابها السابقين، قبل أن يفتحها الخليفة المنصور (١).

وكان افتتاح قلعة رباح مثار التنابذ والخلاف بين القشتاليين وحلفائهم الوافدين. ذلك لأن الوافدين الصليبيين، رأوا في إفلات المسلمين من القلعة أحراراً أحياء، عملا لا مبرر له، ولا يتفق مع أغراض الحرب الصليبية، وثانياً لأن ألفونسو وجد في قلعة رباح مقادير وافرة من المؤن قسمها بالتساوى بين الجند الوافدين وزملائهم المحاربين الأصليين، ولكن سرت الإشاعة بين الجند الوافدين، أن ملك قشتالة، قد عثر بالقلعة على تحف وذخائر كثيرة استأثر بها لنفسه. ومن ثم فقد أبدت طوائف كثيرة من الجند الوافدين تبرمها وسخطها، واحتج كثير منهم بأنهم لا يحتملون جو اسبانيا الحار، وأنهم وفوا بعهودهم في مقاتلة المسلمين في ملجون وقلعة رباح، وأبدوا عزمهم على الرجوع إلى بلادهم، وأيدهم في ذلك مطران بوردو أعظم أحبارهم، ولم تنجح جهود ملك قشتالة وزملائه الإسبان، في إقناعهم بالعدول عن قرارهم، وغادرت معظم الطوائف الوافدة المعسكر القشتالي، ولم يبق منهم سوى أرنولد أسقف أربونة في رجاله، والكونت تيوبالد بلاسكون وهو قشتالى المنبت، وكانت عدة رجالهم مائة وثلاثون فارساً، وبلغ من غادر المعسكر القشتالي على هذا النحو زهاء خمسين ألف مقاتل، اخترقوا قشتالة، صوب جبال البرنيه عائدين إلى بلادهم، وقد أغلقت سائر المدن الإسبانية أبوابها في وجوههم خوفاً من اعتدائهم وعيثهم (٢).


(١) المعجب ص ١٨٣، وروض القرطاس ص ١٥٧. وراجع أيضاً رواية أسقف أربونة، وكان مشتركاً في الموقعة، وقد أوردها Huici Miranda: Las Grandes Batallas de la Reconquista (Madrid ١٩٥٦) p. ٢٤٢, ٢٤٤ & ٢٤٥، وكذلك أشباخ في تاريخ المرابطين والموحدين " الترجمة العربية " ص ٣٦١ و ٣٦٢.
(٢) أشباخ في تاريخ المرابطين والموحدين الترجمة العربية ص ٣٦٢ و ٣٦٣. وراجع أيضاً رواية أسقف أربونة H. Miranda: ibid ; p. ٢٤٥

<<  <  ج: ص:  >  >>