للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت تنتمى اليها أولا وتشد بأزرها، ثم انقلبت عليها فيما بعد حينما تمكنت واشتد نفوذها. وقد نمت هذه الطائفة بمر الأيام. وظهر منها كثير من القادة والزعماء النابهين، الذين شغلوا أعظم المناصب في الدولة وفي الجيش، مثل بني شُهيد، وبني مغيث وبني عَبْدَه، وبني جهور، وبني بسيل، وهم الذين شغلوا مناصب القيادة والحجابة أجيالا. والى جانب هؤلاء، يجب أن نذكر طائفة الصقالبة الأجانب التي ظهرت أهميتها منذ أيام عبد الرحمن الداخل، وبلغت ذروة تضخمها ونفوذها أيام عبد الرحمن الناصر. وقد كان بنو أمية يؤثرون اصطناع هؤلاء الموالي والإفادة من عونهم وتأييدهم.

وأما العنصر الثاني الذي كانت تتكون منه الأمة الأندلسية فهو عنصر البربر.

وقد قام البربر حسبما رأينا بأكبر قسط في فتح الأندلس، وفي الغزوات التي اضطلعت بها الجيوش الاسلامية فيما وراء البرنيه، وكانوا في معظم الأحيان أغلبية في تلك الجيوش، وإن كانت القيادة قد لبثت على الأغلب في أيدي القادة والضباط العرب. وكانت هجرة القبائل البربرية إلى شبه الجزيرة أسرع وأشد كثافة من هجرة العرب، أولا لقرب منازلهم في العدوة من شبه الجزيرة، وثانيا لشعورهم بما كان لهم من فضل في أعمال الفتح، وثالثا لما كان يحفزهم من آمال في البحث وراء طالعهم في هذا القطر الجديد، الذي كانت وديانه الخضراء تجذبهم من بواديهم المقفرة. وقد استمرت هجرة البربر على هذا المنوال أجيالا، بينما كانت هجرة العرب من منازلهم البعيدة في شبه الجزيرة العربية وفي الشام بطيئة محدودة أضف إلى ذلك ما عمد إليه أمراء بني أمية، منذ عهد عبد الرحمن الداخل من اصطناع البربر إلى جانب الموالي والصقالبة، والاستعانة بهم في تدعيم سلطانهم، لاسترابتهم بالقبائل العربية. وقد بلغت هذه السياسة كما سنرى فيما بعد ذروتها في عهد المنصور بن أبي عامر، حيث انثالت القبائل البربرية على شبه الجزيرة، واحتل زعماؤها معظم المناصب الكبيرة، وأضحى سواد الجيش مؤلفا منها. وقد كانت معظم البطون البربرية المهاجرة تنتمي بالأخص إلى زناتة ومصمودة ومكناسة ونفزة والبرانس، واشتهرت من هذه البطون بالأخص، مدغرة ومديونة ومكناسة وهوارة. ومنها خرج فيما بعد أمراء كثير من القواعد والثغور، وقامت من بينها ممالك من دول الطوائف. وقد كان البربر أكثرية في الشمال الغربي، وفي وسط الأندلس في منطقة جبال المعدن (أو جبال البرانس)، وفي أراضي السهلة

<<  <  ج: ص:  >  >>