للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الملك بن يوسف من أهل تينملل، وكان هؤلاء النفر من القرابة والأشياخ هم الذين نصبوا أنفسهم للوصاية على الخليفة الصبي وتوجيهه، وذلك بتوصية من والده الخليفة المتوفى، واستغرقت البيعة الخاصة يومى الخميس والجمعة، الحادي عشر والثاني عشر من شعبان، وفي يوم السبت أذن بأداء البيعة العامة. ويقول لنا المراكشي، وقد كان من شهود ذلك اليوم، أن أبا عبد الله بن عيّاش الكاتب كان قائماً يقول للناس: " تُبايعون أمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين على ما بايع عليه أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رسول الله، من السمع والطاعة في المنشط والمكره، والعسر واليسر، والنصح له ولولاته ولعامة المسلمين. هذا ما له عليكم. ولكم عليه ألا يجمر بعوثكم، وأن لا يدخر عنكم شيئاً مما تعمكم مصلحته، وأن يعجل لكم عطاءكم، وأن لا يحتجب دونكم، أعانكم الله على الوفاء، وأعانه على ما قلد من أموركم ". وكان يعيد هذا القول لكل طائفة إلى أن انقضت البيعة (١). وأخذت بعد ذلك بيعات الأعيان والوفود القادمين من مختلف الأنحاء، ثم وردت بيعات مختلف البلاد بالمغرب والأندلس. واتخذ الخليفة الجديد لقب المستنصر بالله، وفي بعض الروايات أنه لُقب أيضاً بالمنتصر بالله (٢).

ولم يتأخر في تقديم البيعة سوى الشيخ أبي محمد عبد الواحد بن أبي حفص والي إفريقية، وذلك لصغر سن المستنصر. ولكن الوزير أبا سعيد بن جامع بذل سعيه لدى الشيخ لتسوية هذا الأمر، فوصلت بيعته فيما بعد (٢).

وتولى الوزارة للمستنصر وزير أبيه من قبل، أبو سعيد عثمان ين عبد الله ابن إبراهيم بن جامع، فاستمر في الوزارة حتى سنة ٦١٥ هـ، ثم عُزل وخلفه زكريا ابن يحيى بن إسماعيل الهزرجى. وهو ابن بنت الخليفة يعقوب المنصور، أعني ابن عمة المستنصر، فاستمر في الوزارة حتى نهاية عهده. وتولى الكتابة للمستنصر كاتب أبيه وجده من قبل أبو عبد الله بن عياش، وأبو الحسن بن عياش.

وكان الخليفة الجديد ميالا إلى حياة الدعة والبطالة مشتغلا عن تدبير الأمور بما تقتضيه نوازع الشباب (٣) لا يعنيه شىء من مهام الملك، أو بعبارة أخرى لا يمكن من العناية بشىء منها. وكانت الأمور تجرى وفقاً لما يراه ويبرمه الأشياخ


(١) المعجب ص ١٨٥ و ١٨٦.
(٢) روض القرطاس ص ١٦٠، وتاريخ الدولتين للزركشى (تونس ١٢٨٩ هـ) ص ١٤.
(٣) ابن خلكان ج ٢ ص ٢٣٤، وابن خلدون ج ٦ ص ٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>