للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوصياء. وكان عهده على العموم، يمتاز بالهدوء والركود، لم تقع خلاله حوادث ذات شأن، ولم تنظم غزوات ما، ولم تُحشد الجيوش الموحدية، ولم تعبر البحر إلى شبه الجزيرة، وفقاً لما جرى عليه الأمر، منذ عهد أول الخلفاء الموحدين عبد المؤمن بن علي.

وعقد المستنصر لأول ولايته للسادة، على عمالات الولايات بالمغرب، والأندلس. فولّى على مدينة فاس السيد أبا إبراهيم إسحق الملقب بالأمير الظاهر ابن يوسف بن عبد المؤمن وكان والياً على غرناطة، وهو أبو الخليفة المرتضى. وقد اشتهر السيد أبو إبراهيم إسحق هذا أيام ولايته لغرناطة في آخر عهد الناصر، بمنشآته العمرانية بها، وكان من أهمها وأجملها القصر الذي أنشأه خارج غرناطة على مقربة من ضفة نهر شنيل، وهو القصر الذي عرف فيما بعد أيام ملوك غرناطة " بقصر السيد ". والظاهر أن السيد إسحق ولى حكم غرناطة في عهد المستنصر مرة أخرى، إذ يقول لنا صاحب " الحلل الموشية " إنه أنشأ أمام هذا القصر، رابطة في سنة ٦١٥ هـ. وقد استعمل " قصر السيد " أيام ملوك غرناطة منزلا للضيافة الملوكية، وما زالت تقوم حتى اليوم بعض أطلاله، في ضاحية غرناطة المسماة " أرملة " (١).

وولي على إشبيلية عمه السيد أبا إسحاق بن يعقوب المنصور، وهو المعروف بالأحول، وبعث عم أبيه أبا العلاء الكبير إدريس بن يوسف بن عبد المؤمن إلى تونس ليستقر في قصبتها، وأن يكون أميراً عليها، يعنى بتدبير شئونها، والدفاع عنها ضد الميورقي، إلى جانب الشيخ أبي محمد بن أبي حفص والي إفريقية. والسيد أبو العلاء هذا هو الذي أنشأ البرجين على باب المهدية، وأنشأ باب سبتة الجديد، ثم أنشأ بإشبيلية برج الذهب الشهير أيام ولايته لها (٢).

وكان أول حادث ذو شأن وقع في ولاية المستنصر، هو إخماد ثورة الفاطمي العبيدى. وقد روى لنا المراكشي قصة هذا الدعى كاملة، وقد عرفه


(١) راجع في ذكر " قصر السيد " ووصفه، الحلل الموشية ص ١٢٦، والإحاطة في أخبار غرناطة (١٩٥٦) ج ١ ص ١٢٥، ٣٢٤ و ٥٦١. وراجع كتابى " الآثار الأندلسية الباقية " (الطبعة الثانية) ص ١٧٦.
(٢) البيان المغرب القسم الثالث ص ٢٤٣ و ١٧٣، وابن خلدون ج ٦ ص ٢٥، وروض القرطاس ص ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>