للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرناندو فأصبح ملكاً على قشتالة (أول يوليه سنة ١٢١٧ م) وهذا الملك الصبي، هو الذي غدا فيما بعد فرناندو الثالث، أو فرناندو المقدس (١).

وفضلا عما كان يحيق بعرش قشتالة من عوامل التقلقل والضعف، فإن أحوال قشتالة العامة لم تكن يومئذ تدعو إلى الرضى، فإن آثار الوباء كانت ما تزال متفشية في معظم الأنحاء، وكان الإنتاج الزراعى قد انخفض من جراء ذلك، وهلكت المحاصيل، وانتشرت المجاعة بين السكان.

نستطيع على ضوء هذه الظروف التي كانت تجوزها قشتالة عندئذ، أن نفهم كيف جنحت قشتالة إلى المسالمة، وآثرت أن تجوز فترة هدوء وسلام، تستطيع خلالها أن تنظم شئونها، وأن توطد عرشها، وأن تعمل على إنعاش مواردها وأحوالها الزراعية والاقتصادية.

وفي العام التالي أعني في سنة ٦١٣ هـ (١٢١٦ م)، وقع حادث ضئيل في ظاهره، كبير في مغزاه، ونتائجه المحتملة، هو ظهور طلائع بني مَرِين في أحواز مدينة فاس. وقد شرح لنا ابن خلدون أصل أولئك القوم، الذين كتب لهم، أن ينتزعوا ملك الموحدين فيما بعد، فهم من شعوب بني واسين من بطون قبيلة زناتة الشهيرة، التي ينتمى إليها عدة من القبائل البربرية التي لعبت أدواراً بارزة في تاريخ المغرب، مثل مغراوة، ومغيلة، ومديونه، وبنى يفرن، وبنى دمر، وزواغة، وجراوة، وبنى عبد الواد، وغيرهم. ومع ذلك فإن بني مرين، كمعظم الأسر البربرية التي شادت بالمغرب دولا شامخة، يُرجعون نسبتهم إلى العرب وقد رأيت أن هذا كان شأن المرابطين حيث تُرجع صَنهاجة التي تنتمى إليها لمتونة نسبتها إلى العرب اليمانية، وشأن الموحدين، حيث ينتسب صاحب دعوتهم المهدي ابن تومرت، إلى آل البيت، ويُرجع مؤسس دولتهم عبد المؤمن نسبته إلى قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان. وإلى هذا الفرع أيضاً ينتسب بنو مرين، فيقولون إنهم من ولد بر بن قيس عيلان بن مضر بن نزار، وجدهم الأعلى جرماط بن مرين بن ورتاجى بن ماخوخ بن وجديج بن فاتن بن يدّر ابن يجفت بن يصليتن بن عبد الله بن ورتيب بن المعز بن إبراهيم بن سجيك ابن واسين (٢). وكانت منازل بني مرين، وإخوانهم من بني مديونة وبني يلومي


(١) M.Lafuente: Historia General de Espana. T. III. p. ٨٨٠ & ٨٨١
(٢) الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية (طبع الجزائر ١٩٢٠) ص ١٠، ١١، ١٦،=

<<  <  ج: ص:  >  >>