للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبنى يادين بن محمد في المغرب الأوسط، ما بين وادي ملوية شمالا وسجلماسة جنوباً. وكانت المعارك كثيراً ما تنشب بين بني مرين وجيرانهم من بني يادين، وهم الذين ينتمى إليهم بنو عبد الواد، أصحاب مملكة تلمسان فيما بعد، وكانت الغلبة في معظم الأحيان علي بني مرين، لكثرة خصومهم من بني يادين، وكان بنو مرين كمعظم البطون البربرية في تلك المنطقة، من البدو الرحل، يتجولون في هاتيك القفار شرقاً وغرباً، وربما وصلوا في ظعنهم شرقاً إلى بلاد الزاب. وقد كانت الرياسة فيهم، حسبما تذكر الرواية قبل ذلك بعصور، لمحمد بن وزير ابن فكوس بن كرماط بن مرين. ولما توفي محمد قام بأمر بني مرين من بعده أكبر أولاده حمامة، ثم خلفه أخوه عسكر، فلما توفي قام مكانه في الرياسة ولده أبو يكى الملقب بالمخضب، فلم يزل أميراً عليهم حتى ظهر أمر الموحدين، وزحف عبد المؤمن إلى تلمسان في أثر تاشفين بن علي، ليخوض معه المعركة الحاسمة (٥٣٩ هـ)، وبعث قوة من الموحدين بقيادة الشيخ أبي حفص عمر الهنتاني، لمحاربة الخوارج من بطون زناتة، فاجتمع لقتاله بنو يادين وبنو يلومى وبنو مرين ومغراوة، فمزق الموحدون جموعهم، وأذعن بنو يلومى وبنو يادين وبنو عبد الواد إلى الطاعة. ولكن بني مَرِين لحقوا بالصحراء في اتجاه الزاب. ولما دخل عبد المؤمن وهران، على أثر مصرع تاشفين تبدد قواته، واستولى على أموال لمتونة وذخائرها، عهد بهذه الأموال والذخائر إلى قوة من الموحدين لتحملها إلى تينملل، فعلم بنو مرين بذلك، واعترضوا تلك القوة، وانتزعوا الغنائم من أيدي الموحدين. فحشد عبد المؤمن أولياءه من بطون زناتة، وبعثهم مع الموحدين لاستنقاذ الغنائم. والتقى الموحدون وبنو مرين في مكان يعرف بفحص مسون، فهزم بنو مرين، وقتل شيخهم المخضب بن عسكر، وذلك في سنة ٥٤٠ هـ (١١٤٥ م). ولجأ بنو مرين على أثر ذلك إلى الصحراء، وعادوا إلى القفر يرقبون الفرص. (١)

وقام بأمر بني مرين بعد المُخضب بن عسكر، ابن عمه أبو بكر بن حمامة ابن محمد. ولما توفي في سنة ٥٦١ هـ، قام بأمرهم ولده محيو، فلم يزل في


= و ١٧، وابن خلدون في كتاب العبر ج ٧ ص ١٦١. ويقدم لنا صاحب الذخيرة السنية شرحاً طويلا لكيفية تحول نسل بر بن قيس عيلان بالمغرب من العروبة إلى البربرية.
(١) الذخيرة السنية ص ١٨ و ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>