للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانوا في نحو أربعمائة فارس غير الرجّالة، وخرج الموحدون إليهم بقيادة السيد أبي إبراهيم، وكانوا في عشرين ألف مقاتل أو في عشرة آلاف وفقاً لرواية أخرى. والتقى الفريقان بوادي نكور، فكانت الهزيمة على الموحدين، واستولى بنو مرين على أسلابهم ودوابهم ومتاعهم بل وثيابهم، وأسروا السيد أبا إبراهيم ثم أطلقوا سراحه بعد ذلك، وارتدت فلول الموحدين إلى فاس، وبعضهم نحو رباط تازة، وكثير منهم يسترون أنفسهم بورق النبات المعروف " بالمشعلة " حتى لقد سميت هذه الموقعة بموقعة المشعلة، بل سمى هذا العام (سنة ٦١٣ هـ) بعام المشعلة (١)، وسار بنو مرين بعد ذلك شرقاً نحو بلدة رباط تازة، وبعث أميرهم أبو محمد عبد الحق إلى عاملها الموحدي، يطلب إليه أن يقيم في خارجها سوقاً لبني مرين، يتزودون منها بما يحتاجون إليه، فأنف العامل الموحدي، وثار لذلك الطلب، وخرج في جمع غفير من الموحدين والعرب وأبناء القبائل المجاورة، ونشبت بينه وبين المرينيين معركة شديدة هزم فيها وقتل، ونهبت محلته. فكان ثانى نصر لبني مرين على الموحدين في ظرف بضعة أشهر (٢).

ثم وقع الخلاف بين بني مرين أنفسهم، وانقسموا إلى فرقتين، الأولى يتزعمها بنو عسكر بن محمد، والثانية يتزعمها بنو حمامة بن محمد، وقد كانت الرياسة في البداية في بني عسكر، ثم انتقلت إلى بني حمامة، فغص بذلك فريق بني عسكر، وخرجوا على أميرهم أبي محمد عبد الحق، وتحالفوا مع أولياء الموحدين من عرب رياح، وكان الخليفة المنصور قد أنزلهم بتلك المنطقة. وفي سنة ٦١٤ هـ، نشبت بين بني عسكر وحلفائهم من أولياء الموحدين، وبين بني حمامة في وادي سبو، موقعة هزم فيها بنو حمامة في البداية، وقتل أميرهم عبد الحق وولده الأكبر إدريس، فاضطرم بنو حمامة سخطاً، واستجمعوا قواهم، وحملوا على خصومهم من الموحدين والعرب حملة عنيفة، كثر فيها القتل من الجانبين، وانتهت بهزيمة الموحدين والعرب وتمزيق جموعهم، وانتهاب سائر أسلابهم. (جمادى الآخرة سنة ٦١٤ هـ). وقام برياسة بني مرين بعد مقتل أميرهم عبد الحق، ولده أبو سعيد


(١) ابن خلدون ج ٧ ص ١٦٩، والبيان المغرب القسم الثالث ص ٢٤٤ و ٢٤٧، وروض القرطاس ص ١٨٨، والذخيرة السنية ص ٢٦ - ٢٨.
(٢) الذخيرة السنية ص ٣١ و ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>