للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عثمان، وهو الذي بزغ على يديه نجم بني مرين، وأصبحوا قوة لها خطرها (١).

...

ولقد أشرنا فيما تقدم إلى عقد التهادن والسلم بين الموحدين ومملكة قشتالة، ولكن هذا التهادن لم يتحقق بالنسبة لباقى الممالك الإسبانية النصرانية، ومن ثم فقد وقعت بالأندلس، في قطاع الغرب، حوادث هامة، كان من نتائجها، أن نكبت الأندلس بفقد طائفة جديدة من الأراضي والحصون.

وكان أول ضربة أصابت الأندلس من جراء العدوان النصراني، فقد ثغر القصر أو قصر أبي دانس (٢)، وهو أمنع قاعدة دفاعية إسلامية في منطقة الغرب. وكانت القصر قد سقطت في أيدي البرتغاليين في سنة ٥٥٥ هـ (١١٦٠ م)، على أثر اضطراب الحوادث في منطقة الغرب، ولما عبر الخليفة المنصور إلى شبه الجزيرة لأول مرة، لاسترداد شلب التي استولى عليها البرتغاليون بمعاونة النصارى الصليبيين، في سنة ٥٨٥ هـ، غزا منطقة الغرب واستطاع أن يسترد حصن القصر من النصارى في جمادى الأولى سنة ٥٨٧ هـ (يونيه ١١٩١ م)، وولي عليه أبا بكر محمد بن وزير. ويقع ثغر القصر جنوب شرقي أشبونة على مصب نهر شطوبر Sadoa، على مقربة من المحيط الأطلنطى، ويتسع مصب هذا النهر لدخول السفن الكبيرة، تشقه حتى أسوار المدينة، ويتصل قبل مصبه في المحيط بخليج واسع يصلح لتجمع السفن الغازية. وكانت مناعة القصر تقف سداً منيعاً ضد تقدم البرتغاليين نحو الجنوب. ففي أوائل سنة ٦١٤ هـ (١٢١٧ م) وصل إلى شواطىء البرتغال أسطول من الصليبيين الألمان في طريقه إلى المشرق، ورسا في مياه أشبونة (لشبونة)، فانتهز البرتغاليون تلك الفرصة، ودعوا إلى إشهار الحرب الصليبية، ضد مسلمي الأندلس، وسار البرتغاليون وحلفاؤهم الصليبيون الألمان إلى ثغر القصر، وضربوا حوله الحصار من البحر ومن البر، وذلك في ٣٠ يوليه سنة ١٢١٧ م، فامتنع المسلمون داخل ثغرهم، وبادر واليها عبد الله ابن وزير، وهو ولد واليها السابق أبي بكر بن وزير، يطلب الإنجاد من الموحدين، ووصل صريخه إلى بلاط مراكش، فبعث المستنصر إلى ولاة قرطبة وإشبيلية، وجيّان وولاة الغرب، بحشد جيوشهم، والمبادرة إلى إنجاد الثغر المحصور،


(١) الذخيرة السنية ص ٣٢ - ٣٤، وابن خلدون ج ٧ ص ١٧٠.
(٢) وهي بالبرتغالية Alcacer do Sal

<<  <  ج: ص:  >  >>