للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه الخير المآلوف، والشعار المعروف، والرسم الذي عليه العمل، والعهد الذي لا يجب فيه التغيير والخلل.

" ونحن قد قلدنا الله قلادة نعلم لوازمها، ونحفظ مراسمها، ومن جملتها التذكير بالدين، فهو الشافع الذي لا يغفل، والوسيلة التي لا تضاع ولا تهمل، فاعلموا أعزكم الله هذا المقصود علما، وكونوا في القيام به لا تخالفون يقظة، ولا نوماً، وللناس عليكم ما نأمركم به من العدل التام، والإنصاف العام، وكف الأيدى، وقبضها عن التعدى. وهذا خطاب قد أرشدنا فيه إلى مناهج سوية، وحضضنا فيه على أمور ضرورية، وأتينا فيه بما يجب البدار إليه، وخير العمل ما دووم عليه، والله معينكم والسلام عليكم، وكتب في عاشر ربيع الأول سنة سبع عشر وستمائة " (١).

والظاهر أن توجيه هذا الكتاب، لم يكن إلا محاولة من الخليفة الفتى، للعمل على إحياء تقليد من تقاليد آبائه الخلفاء الموحدين، في تذكير الناس من وقت إلى آخر بدستورهم الدينى، والتنبيه إلى توقيره، والمحافظة عليه.

وفي العام التالي، سنة ٦١٨ هـ (١٢٢٠ م)، قدم سفير قشتالة إلى مراكش مرة أخرى ليسعى في تجديد المهادنة والسلم. وكانت المفاوضات الأولى قد تمت بين القشتاليين، وولاة الأندلس من السادة الموحدين، وتم تجديد المهادنة بين الفريقين، وفقاً لتوجيه الخليفة المستنصر. ثم كتب وزير المستنصر، أبو يحيى بن أبي زكريا، إلى " ملكة قشتالة بنت ملك قشتالة وطليطلة " كتاباً من إنشاء الكاتب ابن عيّاش بما أبرم بينه وبين رسولها من عقد السلم. ومن الواضح أن ملكة قشتالة المشار إليها هنا، لم تكن سوى الملكة برنجيلا بنت ألفونسو الثامن ملك قشتالة، ومطلقة ألفونسو التاسع ملك ليون، وكانت يومئذ تتولى الوصاية على ابنها الصبي فرناندو، الذي أعلن ملكاً على قشتالة في سنة ١٢١٧ م، وكانت بذلك تعتبر هي الملكة الأصيلة في نظر الموحدين.

وقد أورد لنا ابن عذارى نبذة من الكتاب المشار إليه ننقلها فيما يلي:

" وقد انقلب إليكم رسول منكم، بما تعرفونه في السلم المنعقد، النير شهابه، المتقد بين الموحدين وبينكم، بالمخاطبة الكريمة، التي حملها إليكم، وحمل نحوكم


(١) البيان المغرب - القسم الثالث ص ٢٤٥ و ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>