للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوط " (١). وتعرف الرواية الإسلامية بلايو وتحدثنا عنه وتسميه (بلاي)، وتصفه أحياناً بأنه أمير أو ملك، وتنعته غالباً بأنه " علج من علوج النصارى " (٢) وتتبع أخباره مع المسلمين: ولكنها لا تلقي ضياء كثيراً على أصله أو أحوال مملكته الصغيرة. ذلك لأن المسلمين لم ينتبهوا قط إلى ما وراء الهضاب الوعرة، التي امتنع بها هذا الزعيم وفله، والتي نشأت فيها جذور المملكة النصرانية الشمالية، التي غدت غير بعيد خطرا على دولة الإسلام في اسبانيا. ومن الغريب أن راوية نصرانياً كبيراً معاصراً هو إيزيدور الباجي، وهو حبر عاصر الفتح الإسلامي، وكتب روايته منذ منتصف القرن السابع، ووصل في كتابتها حتى سنة ٧٥٤ م (٣)، لم يذكر لنا في روايته شيئاً عن قيام تلك المملكة النصرانية الصغيرة في الشمال، ولا عن زعيمها أو ملكها بلايو، ولا عن غزوات المسلمين لها، مع أن إيزيدور يتتبع أخبار الغزوات الإسلامية كلها، منذ الفتح حتى منتصف القرن الثامن، سواء في اسبانيا أو في مملكة الفرنج، ويقدم إلينا عنها كثيراً من التفاصيل والملاحظات الهامة. وقد يرجع ذلك إلى أن إيزيدور وهو يقيم في الجنوب في مدينة باجة، كان يجهل قصة هذه المملكة النصرانية الناشئة، ولكن ما نراه من عنايته بتدوين أخبار الغزوات الإسلامية في فرنسا، وأخبار مملكة أكوتين، يحملنا على الاعتقاد بأنه لم يكن يجهل أخبار مملكة جليقية النصرانية، وهي أقرب إليه من فرنسا، وأن أسباباً أخرى لعلها ترجع إلى انتماء أميرها بلايو إلى حزب ردريك الذي كان يبغضه المؤرخ، هي التي حملته على إغفال أخبارها (٤).

وعلى أى حال فإن الرواية الإسلامية، تذكر لنا كيف نشأت المملكة النصرانية


(١) F.J.Simonet cit. Saavedra ; Historia de los Mozarabes de Espana,.Vol.I.p. ١٤٨. ويقول المؤرخ المستشرق كاردون إن بلاجيوس ينتمي إلى أصل ملكي، وانه الأمير الوحيد الذي نجا من فتك العرب (راجع Cardonne: ibid , I.p. ١٠٥.) ، بيد أن كاردون لا يقول لنا من أين استقى هذه الرواية.
(٢) راجع أخبار مجموعة ص ٢٨، ونفح الطيب ج ١ ص ١١٠.
(٣) وقد كتبت باللاتينية بعنوان Isidorus Pacensis Chronicon. ونشرت ضمن المجموعة التاريخية الكنسية الإسبانية الكبيرة المسماة Espana Sagrada تصنيف الأب P.Enrique.Florez الجزء الثامن. ونشر دوزي منها مقتطفات في كتابه: Recherches: V.I.p. ٤-١٤. مع تعليقات.
(٤) راجع: Aschbach: ibid, I.p. ١٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>