للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على جميل معتقداتهم، على جهاد أعداء الله الكفار، فاعملوا وفقكم الله على ذلك، والله يبلغكم آمالكم والسلام عليكم " (١).

والواقع أن شئون الأندلس، كانت أهم ما يشغل العادل، وقد تركها عند مغادرته لشبه الجزيرة، في حالة اضطراب مروع، تتجاذبها تيارات جارفة، من الفتن الداخلية، ومن عدوان النصارى.

- ٣ -

غادر العادل الأندلس، وترك أخاه أبا العُلى إدريس في إشبيلية ليواجه العاصفة. وكانت الأندلس قد غدت كما قدمنا مرة أخرى، مذ أعلن العادل دعوته بالخلافة، مسرحاً لصراع المتغلبين. وكانت حركة البياسى أبي محمد عبد الله بن محمد بن يوسف بن عبد المؤمن، في أواسط الأندلس، قد اتسع نطاقها، وكادت أن تمتد بعد الأندلس الوسطى، إلى إشبيلية، والأندلس الغربية. وكان البياسى، قد لجأ حسبما تقدم، إلى فرناندو الثالث ملك قشتالة، يستنصر به، ويطلب عونه ضد خصومه، وكان فرناندو، وهو الذي قدر له أن يفتتح فيما بعد معظم قواعد الأندلس الكبرى، يقدر كأسلافه، مزايا هذا التدخل في حوادث الأندلس، وفي حروبها الأهلية، وما يترتب عليه من مغانم سياسية، وإقليمية جليلة، فلبى نداء البياسى، وبعث إليه بالأمداد، وامتنع البياسي بمدينة بياسة، وصمد أمام الجيوش الموحدية، التي بعثها العادل لإخضاعه. ولما اطمأن إلى حصانة مركزه، خرج مع حليفه ملك قشتالة، ليعاونه على افتتاح أول قاعدة أندلسية من قواعد هذه المنطقة، وهي مدينة قيجاطة (٢). الواقعة جنوب شرقي بياسة. وكان فرناندو الثالث قد خرج بجيشه في خريف سنة ١٢٢٤ م (أواخر سنة ٦٢٢ هـ)، واخترق أراضي أبّدة قاصداً إلى قيجاطة، وكانت تزخر بالأموال والثروات، فاقتحمها القشتاليون، وهدموا معظم أسوارها، وقتلوا من أهلها الألوف، وقتلوا وأسروا كذلك معظم حاميتها الموحدية (سبتمبر ١٢٢٤ م). واستولى القشتاليون في نفس الوقت على عدة أخرى من حصون هذه المنطقة. ثم ساروا بعد ذلك، ومعهم حليفهم البياسي، فعاثوا في أراضي جيان، وقتلوا من أهلها نحو ألف وخمسمائة (أكتوبر ١٢٢٤ م). ثم ارتد ملك قشتالة


(١) البيان المغرب - القسم الثالث ص ٢٤٩.
(٢) وهي بالإسبانية Quesada

<<  <  ج: ص:  >  >>