للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قواته مثقلا بالغنائم والأسرى، عند اقتراب الشتاء، وعبر نهر الوادي الكبير عائداً إلى بلاده (١).

وفي صيف العام التالي، أعني في سنة ٦٢٣ هـ (١٢٢٥ م)، خرج فرناندو الثالث من قشتالة بجيش ضخم، وعبر ممر مورادال بجبال سييرا مورينا (جبل الشارات) ونزل في سهل العقاب، على مقربة من شمالي بياسة، وبعث إلى البياسى يستدعيه، فهرع البياسى إلى لقاء ملك قشتالة، وقدم إليه خضوعه بصفة رسمية، وعقد معه عهداً يعترف فيه بطاعته، ويتعهد بأن يسلم إليه حصون مرتُش، وأندوجر، وجيان، متى حصلت في يده، وكذلك سائر الحصون، التي يطلب ملك قشتالة الاستيلاء عليها، في أراضي المسلمين، وسلم البياسى ولده الأصغر إلى ملك قشتالة كفالة بولائه وإخلاصه. وتعهد ملك قشتالة من جانبه بأن يقدم إلى البياسى المعونة العسكرية الكافية، لاسترداد أملاكه وتأمينها (٢).

وعلى أثر ذلك قصد ملك قشتالة ومعه حليفه أو تابعه البياسى إلى مدينة جيان وهو يخرب سائر الأراضي التي يمر بها، خلا تلك التي يسيطر عليها البياسى. ولما وصل إلى جيان، ضرب حولها الحصار، وأخذ القشتاليون مدى أيام يهاجمونها دون جدوى. وكانت جيان أمنع قاعدة في تلك المنطقة، ولها أسوار عالية، وقصبة في منتهى المناعة، مازالت أطلالها قائمة حتى اليوم، تشهد بسابق حصانتها. وكانت تدافع عنها حامية موحدية قوية بقيادة عمر بن عيسى بن أبي حفص بن يحيى، ومعهم فرقة من الفرسان النصارى بقيادة ألبار بيريث دي كاسترو، وكان مثل أبيه يعمل في خدمة الموحدين بغيرة وإخلاص، ولما اشتدت هجمات النصارى، خرج المسلمون لهم، واشتبكوا معهم في معركة قتل فيها من المسلمين مائة وثمانون، وأسر نحو ألفين. ثم امتنع المسلمون بالمدينة، ولبثوا صامدين، وكرر القشتاليون هجماتهم على المدينة، وهم في كل مرة يرتدون عنها خائبين. وأخيراً اضطر ملك قشتالة أن يرفع الحصار عن المدينة، وأن يرحل عنها (٣).


(١) البيان المغرب - القسم الثالث ص ٢٤٩، والروض المعطار ص ٦١ وكذلك:
J. Gonzalez: Las Conquistas de Fernando III en Andalucia (Madrid ١٩٤٦) ;
cit. Anales Toledanes ; p. ٣٦ & ٣٧
(٢) J. Gonzalez: ibid ; p. ٣٨
(٣) J. Gonzalez: ibid, cit. Cronica Latinas ; p. ٤٠

<<  <  ج: ص:  >  >>