للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسار ملك قشتالة بعد ذلك ومعه البياسى إلى القبذاق (١)، فاستولى عليها وسلمها لحليفه، إذ كانت من أملاكه، ثم سار جنوبا نحو باغة (٢)، فقاومته حاميتها بشدة، واضطر إلى محاصرتها مدة، ثم سلمت حاميتها بالأمان نظير فدية كبيرة، وقصد بعد ذلك إلى لوشة، وهي جنوب باغه على ضفة نهر شنيل. فاقتحمها وفتك بأهلها. ولما وصل إلى مدينة الحامة في جنوبها، ألفاها خالية، إذ هجرها أهلها خوفاً أن يصيبهم ما أصاب أهل لوشة.

ثم سار القشتاليون بعد ذلك شمالا صوب غرناطة، وكان أهلها قد استدعوا ألبار بيريث لمعاونتهم على الدفاع. فلما اقترب القشتاليون من المدينة، وضربوا حولها الحصار، وسّط أهلها ألبار بيريث ليفاوض ملك قشتالة في أن يرحل عنهم، نظر تسليمهم إياه ألفا وثلاثمائة أسير من النصارى كانوا لديهم، فتم الاتفاق على ذلك، وعفا ملك قشتالة عن ألبار بيريث، فترك خدمة الموحدين، وعاد إلى خدمة مليكه، وارتد ملك قشتالة في قواته شمالا، حتى اقترب من بياسة، وهنالك قام البياسى بتسليمه حصنى مرتش وأندوجر، وفقاً لعهده الذي أخذه على نفسه (٣). وكان البياسى قد شعر عندئذ بتوطد مركزه، وضخامة العون الذي يلقاه من حلفائه النصارى، فما كاد فرناندو الثالث يختتم غزوته في أراضي المسلمين، حتى سار البياسى في قواته، ومعه جيش من النصارى، تقدره الرواية بعشرين ألفاً (٤) صوب إشبيلية، وعبر نهر الوادي الكبير إلى الشّرف، وخرجت القوات الموحدية وأهل المدينة بقيادة السيد أبي العلاء لرد الغزاة، وهنالك أيضاً، على مقربة من طلياطة، في فحص القصر، اشتبك الفريقان فهزم الموحدون وأهل إشبيلية، هزيمة شديدة، وقتل منهم نحو ألفين (٥) وكان من نتيجة هذا النصر، أن خضعت معظم البلاد والحصون الواقعة شرقا بين اشبيلية وقرطبة لسلطان البياسى، بل إن أهل مدينة قرطبة ذاتها، حينما رأوا تفوق البياسى على هذا النحو، خلعوا طاعة حاكمهم الموحدي السيد أبي موسى أخي العادل، وأعلنوا طاعتهم للبياسي.

وكان فرناندو الثالث قد عاد في تلك الأثناء، فعبر بقواته إلى أراضي


(١) وهي بالإسبانية Alcaudete.
(٢) وهي بالإسبانية Priego.
(٣) راجع الروض المعطار ص ٦١ و ١٦٥ و ١٧٤. وكذلك:
J. Gonzalez, ibid: cit. Cronica Latina p. ٤٢
(٤) روض القرطاس ص ١٦٤.
(٥) الروض المعطار ص ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>