للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال لأهل المدينة، إنى ذاهب، فمن أحب أن يخرج معى فليخرج، ومن أراد البقاء فليبقى، فاضطر أهل المدينة إلى مغادرتها خوفاً من الوقوع أسرى في أيدي النصارى، وتفرقوا في مختلف الأنحاء. وهكذا استولى النصارى الذين بالقصبة وهم فرسان قلعة رباح على سائر المدينة، وذلك في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة سنة ٦٢٣ هـ (أول ديسمبر سنة ١٢٢٦ م) ووهب فرناندو الثالث الفرسان من أجل ذلك كثيراً من دور المدينة ورياضها وضياعها (١).

وفي العام التالي استولى فرناندو الثالث على شوذر (٢) الواقعة جنوبي بياسة، وعلى عدة من الحصون المجاورة، وأخرج من بقى من المسلمين في بياسة ومرتُش وغيرهما من القواعد والحصون التي استولى عليها.

وهكذا استطاع القشتاليون أن يخرجوا من ثورة البياسى، بأكبر غنم، وأن يضعوا أيديهم على طائفة كبيرة من القواعد والحصون الأندلسية الهامة في منطقة جيان وقرطبة، وأن يتحكموا بذلك في خطوط الدفاع عن الأندلس الوسطى، وأن يقتربوا من قرطبة عاصمة الخلافة القديمة، التي كان الاستيلاء عليها من أعز أمانيهم.

وكان السيد أبو العُلى (أبو العلاء) إدريس، مذ حلّ بقرطبة عقب مصرع البياسى، يحاول أن يضع حداً لعدوان النصارى في تلك المنطقة، فسار في بعض قواته إلى مرتش وحاصرها، وحاول أن يستولي عليها، ولكن الأمداد القشتالية ْجاءت أخيراً لتنقذها من السقوط، واضطر السيد أبو العلى أن يرفع الحصار وأن ينصرف بقواته، وذلك في أوائل سنة ٦٢٤ هـ - ١٢٢٧ م. فلما شعر أبو العلى باشتداد وطأة القشتاليين على الأراضي الإسلامية، سعى إلى عقد الهدنة معهم، وبعث رسوله أبا القاسم للمفاوضة، وتم الاتفاق على أن تعقد الهدنة بين الفريقين لمدة عام واحد، وأن يدفع الموحدون لقاء عقدها ثلاثمائة ألف قطعة Naravedi من الفضة، دفع بعضها عند توقيع التعاقد ودفع الباقى بعد ذلك (٣).

- ٥ -

لم نجد بعد أن سجلنا أحداث الأندلس الأليمة في عهد الخليفة العادل، ما نسجله


(١) الروض المعطار ص ٥٨ و ٥٩، وكذلك: J. Gonzalez: ibid, p. ٥٢
(٢) وهي بالإسبانية Jodar
(٣) J. Gonzalez: ibid ; cit. Cronica Latina, p. ٥٥،،،،،،

<<  <  ج: ص:  >  >>