للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن غانية وحلفائه اعترضوا سبيل الموحدين، وفر ابن غانية في جمعه من الملثمين والأعراب إلى جهة الزّاب، فسار السيد أبو زيد في أثره، ونجح ابن غانية في الوصول إلى الشمال والاستيلاء على بلدة بسكرة جنوبي قسنطينة، وتخريبها ونهبها، فهاجمه السيد أبو زيد، وانتزعها منه، وفر ابن غانية في حشوده من العرب والبربر وسار شرقاً حتى اقترب من أحواز تونس، فأتبعه السيد أبو زيد في عسكر الموحدين والعرب الموالين، لاسيما عرب هوارة، ونشب بين الفريقين في مكان يسمى مجدول قتال مرير، وهزم فيه ابن غانية، وقتل كثير من جنده، وامتلأت أيدي الموحدين من غنائمهم. وكان ذلك في أوائل سنة ٦٢١ هـ (١٢٢٣ م). وفر ابن غانية في فلوله نحو الجنوب مرة أخرى، وأخذ يتجول بين الواحات، وهو يحشد الأنصار، وينتهب الأموال أينما استطاع، ويرقب الفرص السانحة (١). وعلم السيد أبو زيد على أثر الموقعة بوفاة أخيه السيد أبي العلاء، فارتد إلى تونس ليشغل منصبه في الإمارة، ووفقاً لهذه الرواية يكون تعيين السيد أبي زيد لولاية إفريقية، قد جاء من قبل الخليفة أبي محمد عبد الواحد المخلوع، الذي تولى الخلافة، في أواخر ذي الحجة سنة ٦٢٠ هـ. على أن ابن عذارى، يقول لنا متفقاً مع روايته أن ولاية السيد أبي زيد الإمارة، كانت على نمط ولاية أبيه السيد أبي العلاء، وأن الشيخ أبا محمد عبد الله بن الشيخ أبي محمد عبد الواحد بقى على حاله مكان أبيه في ولاية افريقية، ينظر بالأخص في تدبير الشئون وجباية الأموال. ولكن السيد أبا زيد أساء السيرة، واشتد في معاملة الناس، خلافاً لما كان عليه الشيخ أبي محمد عبد الواحد وولده عبد الله. فسخط عليه الناس وتمنوا زوال حكمه، واستمر السيد في منصبه حتى توفي الخليفة أبو محمد عبد الواحد وتولى الخليفة العادل، فأقال السيد أبا زيد من منصبه، وذلك في شهر ربيع الثاني سنة ٦٢٣ هـ، وأرسل إلى إفريقية عمه السيد أبا عمران موسى بن ابراهيم بن اسماعيل الحفصى ليتولى الحكم بها حتى يصل إليها حاكمها الأصلى الذي اختاره الخليفة، وهو أبو محمد عبد الله ابن الشيخ محمد عبد الواحد. وبعد ذلك ببضعة أشهر سار أبو محمد عبد الله وأخوه أبو زكريا يحيى إلى إفريقية، وتوقف أبو محمد قليلا في بجاية، ومعه أخوه أبو عبد الله اللحيانى (٢)، وبعث أخاه أبا زكريا إلى تونس


(١) ابن خلدون ج ٦ ص ١٩٦ و ١٩٧، والزركشي في تاريخ الدولتين ص ١٤ وكذلك:
A. Bel: ibid ; p. ١٦٧.
(٢) وقد عرف بهذا الاسم لطول لحيته (ابن خلدون ج ٦ ص ٢٨١).،،،،،،

<<  <  ج: ص:  >  >>