للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستمر بلايو في حكم إمارة جليقية زهاء تسعة عشر عاماً، وتوفي سنة ٧٣٧ م. ولكن بعض الروايات النصرانية تضع تاريخ وفاته بعد ذلك، فتقول إنه لبث حتى ولاية عبد الرحمن بن يوسف الفهري للأندلس (١٢٧ - ١٣٧ هـ) (٧٤٥ - ٧٥٥ م)، وأن الموقعة التي نشبت بين منوسة وبلايو كانت بين سنتى ٧٤٦ و٧٥١ (١)، وهي رواية ظاهرة الضعف، لأن منوسة قتل في سنة ١١٤ هـ (٧٣٢ م) كما قدمنا، والرواية الإسلامية واضحة دقيقة في ترتيب الوقائع والتواريخ في هذا الموطن. وخلف بلايو ولده فافيلا، ولكنه توفي بعد حكم لم يطل أمده سوى عامين (سنة ٧٣٩ م). وكان الدوق بتروس أمير كانتابريا قد توفي في ذلك الحين أيضاً، وخلفه ولده ألفونسو دوق كانتابريا، ونمت هذه الإمارة النصرانية الصغيرة أيضا واشتد ساعدها، وقويت أواصر التحالف بينها وبين جلّيقية بتزوج أميرها ألفونسو من ابنة بلايو واسمها أرموزندة أو هرمزندة. فلما توفي فافيلا ولد بلايو، اختار الجلالقة ألفونسو دوق كانتابريا ملكاً عليهم، واتحدت الإمارتان، وقامت منهما مملكة نصرانية واحدة، هي مملكة ليون النصرانية أومملكة جلّيقية في الرواية الإسلامية، وتمتد من بلاد البشكنس شرقاً إلى شاطىء المحيط غرباً، ومن خليج بسكونية شمالا إلى نهر دويرة جنوباً، وتشمل مناطق شاسعة من القفر والهضاب الوعرة، وتحتجب وراء الجبال بعيدة عن سلطان المسلمين وغزواتهم (٢).

ويعتبر ألفونسو دوق كانتابريا، أو ألفونسو الأول الملقب بالكاثوليكي مؤسس المملكة النصرانية الشمالية، وأصل ذلك الثبت الحافل من ملوك قشتالة (٣)، الذين لبثوا قرونا يدفعون حدودهم إلى الجنوب تباعاً في قلب المملكة الإسلامية، ثم انتهوا بالقضاء عليها والاستيلاء على غرناطة آخر معاقلها (١٤٩٢ م). وحكم ألفونسو في ظروف حسنة، فقد كانت الحرب الأهلية تمزق الأندلس، وكان أمر الولايات الشمالية فوضى، والضعف يسود المسلمين في تلك الأنحاء، وكان ثمة منطقة عظيمة من القفر والخراب تفصل بين جليقية وبين الأراضي الإسلامية، فاجتاحها ألفونسو بجموعه، وقتل من بها من المسلمين القلائل، ودفع النصارى


(١) Aschbach: ibid , I.p. ١٤٨-١٤٩
(٢) Aschbach: ibid , I.p. ١٥٢ و Dozy: Hist, V.II.p. ١٣٠.
(٣) ابن خلدون ج ٤ ص ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>