للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمير محمد بن سعد في سنة ٥٦٧ هـ (١١٧١ م)، واستولى على مرسية وبقية مملكة الشرق، قد شملهم برعايته، وأسند إليهم جليل المناصب، فقدّم الأمير أبا الحجاج يوسف بن سعد بن مردنيش، أخا الأمير محمد المتوفى، على بلنسية وجهاتها، كما كان أيام أخيه، واستمر أبو الحجاج يوسف، وكان يعرف بالرئيس، والياً لبلنسية حتى توفي في سنة ٥٨٢ هـ، فخلفه في ولايتها السيد أبو عبد الله محمد حفيد الخليفة عبد المؤمن، ثم خلفه بعد وفاته ولده السيد أبو زيد. وترك الرثيس أبو الحجاج يوسف عدة من الأولاد، منهم أبو الحملات مدافع، وأبو الظفر غالب، وأبو الحارث سبع، وأبو سلطان عزيز، وأبو ساكن عامر، وأبو محمد طلحة، وقد تولوا جميعاً في ظل حكومة الموحدين، مناصب هامة في مختلف قواعد الشرق، من قيادة وولاية، واشتهروا في أواخر أيام الدولة الموحدية بالأندلس، وكانوا مثل أبيهم يعرفون بالرؤساء. فلما اضطربت الأحوال وسرت الفتنة إلى مختلف النواحي، عقب وفاة الخليفة يوسف المستنصر، خاضوا الفتنة مع الخائضين، وكان عميدهم يومئذ الرئيس أبو جميل زيان بن أبي الحملات مدافع بن الرئيس يوسف أبي الحجاج، وكان أبوه مدافع، قد استشهد شابا في حياة أخيه أبي سلطان عزيز والي جزيرة شقر، وكان إلى جانبه ببلنسية وأحوازها، عشرة من رؤساء بيته من الإخوة أو أبناء العمومة. وكان أبو جميل زيان وقتئذ وزير السيد أبي زيد والي بلنسية، وكبير بطانته ومدبر أمره (١)، وفي رواية أخرى أنه كان قائد الأعنة المتولى أمر الدفاع عن بلنسية (٢). فلما ارتد السيد أبو زيد منهزماً أمام ابن هود كما تقدم، اضطرمت الثورة في بلنسية، والتف البلنسيون حول عميد بيت إماراتهم القديم، أبي جميل زيّان، ونادوا برياسته، فوقعت الوحشة بينه وبين السيد أبي زيد، فغادر بلنسية إلى حصن أُندة القريب وامتنع به، واشتد الهياج وتفاقم الأمر في المدينة، فخشى السيد سوء العاقبة، وغادر بلنسية بدوره في أهله وولده وأمواله، وذلك في أوائل شهر صفر سنة ٦٢٦ هـ، واعتصم ببعض الحصون القريبة. وعندئذ بادر الرئيس أبو جميل زيان بالقدوم إلى بلنسية من مقره بحصن أندة، فدخلها في اليوم السادس والعشرين من شهر صفر سنة ٦٢٦ هـ (يناير ١٢٢٩ م) ونزل بالقصر، وعقد البيعة لنفسه، وذلك


(١) ابن خلدون ج ٤ ص ١٦٧.
(٢) المقري في نفح الطيب ج ٢ ص ٥٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>