للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموافق الثالث والعشرين من جمادى الأولى سنة ٦٢٦ هـ، اجتمع السيد أبو زيد وولده أبو محمد مع ملك أراجون وولده ألفونسو، وكان يومئذ يقوم بأهبته لافتتاح ميورقة، وعقدت بين الفريقين معاهدة، نص فيها على أن يعطى السيد أبو زيد من سائر الأراضي والأماكن والحصون التي يغنمها سواء بالقوة أو الرضى، مقدار الربع إلى الملك خايمى، وعلى أن يحتفظ الملك خايمى لنفسه بكل ما يقوم هو بافتتاحه، أو ما يقع تسليمه إليه، وأن يقدم السيد كفالة بتنفيذ هذا ْالاتفاق، حصون بنشكلة، ومرلّة، وقله، وألبونت، وشارقه، وشبرب (١) بصفة رهينة، وأن يقوم الملك خايمى تأكيداً لعهوده، بحماية السيد والدفاع عنه وعن ولده ضد أعدائه، بتسليم حصنى الديموس، وقشتيل الحبيب (٢) اللذين افتتحهما أبوه الملك بيدرو.

وكان من الواضح أن السيد أبا زيد، حينما عقد هذا الاتفاق مع ملك أراجون، كانت له أسوة بما فعله من قبل أخوه السيد عبد الله البياسى، حينما انضوى تحت لواء فرناندو الثالث ملك قشتالة، وتعهد بتسليم الحصون والأراضي الإسلامية، بل وبما فعله ابن عمه الخليفة المأمون نفسه، من تعهده لملك قشتالة بتسليمه الحصون التي يرغبها في الأراضي الإسلامية، وغير ذلك مما قطعه على نفسه من العهود، إزاء قيام هذا الملك النصراني بمعاونته على انتزاع العرش من خصمه.

وتنفيذاً لهذا الاتفاق خرج السيد أبو زيد، ومعه الفارس بيدرو دي أساجرا صاحب شنتمرية الشرق، وبلاسكو دي ألاجون، وهو زعيم أرجونى كان قبل عامين قد لجأ إلى بلنسية وخدم الموحدين، ثم عاد إلى أراجون وعفا عنه الملك، في قوات طرويل وبعض الفرسان الأرجونيين، واخترقت الحملة الأراضي التي كان ما يزال السيد أبو زيد يتمتع فيها بشىء من التأييد. وبالرغم من أن السيد استطاع فيما بعد أن يبسط سلطانه على بعض النواحي والضياع القريبة من بلنسية، فإنه أدرك في النهاية أنه لن يستطيع تنفيذ العهود التي قطعها على نفسه لملك أراجون، ومن ثم فإنه عاد في يناير سنة ١٢٣٢، وتنازل للملك خايمى عن سائر الحقوق الإقليمية التي احتفظ بها لنفسه بمقتضى المعاهدة، وذلك سواء في مدينة بلنسية


(١) وهي بالإسبانية على التوالى Segorbe, Jerica, Alpuente, Culla, Morella, Penoscola
(٢) وهما بالإسبانية Castielfabit, Ademuz

<<  <  ج: ص:  >  >>