للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي تقع شرقي بطليوس، على ضفة نهر وادي يانه، وضرب حولها الحصار. ووقف ابن هود على حركة ملك ليون، فحشد ما استطاع من قواته، وسار نحو الغرب لإنقاذ المدينة المحصورة، وكانت من القواعد التي دخلت في طاعته، فلما وصل على مقربة من ماردة، ترك ألفونسو التاسع الحصار، وتقدم للقاء جيش ابن هود، ونشبت بين الفريقين عند حصن الحنش (١) معركة عنيفة، هزم فيها ابن هود، وارتد في قواته دون نظام، وفي الحال، احتل الليونيون مدينة ماردة، ثم احتلوا بعد ذلك بقليل، مدينة بطليوس العظيمة، وذلك في مايو سنة ١٢٣٠ م (أواسط سنة ٦٢٧ هـ). وينحى ابن عذارى بهذه المناسبة باللائمة على ابن هود، لأنه انهزم بساقته في بداية الموقعة، فولى الناس منهزمين من أجل ذلك. ويقول لنا إنه كان بطبعه ملولا عجولا، وكانت هذه الغزوة أول غزواته وأضخمها (٢).

وعرج ابن هود في مسيره بعد هزيمته على إشبيلية. وكان مما حدث عند حلوله بها، أن ثارت العامة بعبد الله بن وزير حاكم ثغر القصر السابق، وكان قد لجأ إليها، وقبضت عليه، فأمر ابن هود بإعدامه هو وأخوه عبد الرحمن ابن وزير، ويقول لنا ابن الأبار إن ما حدث من العامة نحو الأخوين قد وقع بتحريض ابن هود نفسه (٣).

وفي هذا الوقت نفسه، كان فرناندو الثالث، ملك قشتالة يحاول أن يقوم بضرباته في الأندلس الوسطى. وكان فرناندو يرقب الدعوة الهودية، واتساع نطاق سلطان ابن هود، وتوالى طاعة القواعد الأندلسية له، بمنتهى الاهتمام والتوجس. وكان يخشى أن تجتمع كلمة الأندلس كلها حول هذا الزعيم الجديد، وأن تغدو مرة أخرى، كتلة قوية متماسكة يصعب تحطيمها. وكان يرى وجوب المبادرة إلى العمل، قبل أن يصبح ابن هود وهو في نظره زعيم الأندلس الحقيقي، قوة لا تقهر، ومن ثم فإنا نراه في أوائل سنة ١٢٣٠ م (أوائل سنة ٦٢٧ هـ) يخرج في قواته من قشتالة متجهاً نحو أندوجر، ثم يعبر نهر الوادي الكبير، وهو أينما


(١) وهو بالإسبانية Alanje
(٢) البيان المغرب - القسم الثالث ص ٢٧٠، وابن خلدون ج ٤ ص ١٦٩، والمقري في نفح الطيب ج ٢ ص ٥٨٢.
(٣) الحلة السيراء ص ٢٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>