للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعتزم افتتاح مدينة أبّدة، وكانت أيضاً من أمنع مدن هذه المنطقة وأوفرها سكانا وأقواها حامية، ولكن فرناندو صمم على أن يمضى في حصارها حتى ترغم على التسليم. واستمر حصار أبدة من يناير حتى يوليه سنة ١٢٣٣ م (أواخر سنة ٦٣٠ هـ) فلما عدمت الأقوات ولم ترد أية نجدة من أي جهة، اضطرت أبّدة إلى التسليم بالأمان، على أن يؤمن سكانها في أنفسهم، وأن يسمح لهم بأن ينقلوا من أموالهم ما يستطيعون حمله معهم، وأن تضمن سلامتهم حتى يصلوا إلى الأراضي الإسلامية (١). وفي نفس هذا العام ٦٣٠ هـ، عقدت الهدنة بين ابن هود وملك قشتالة، نظير ألف دينار يؤديها إليه ابن هود في كل يوم (٢). وكان ابن هود، قد تكاثر عليه الخصوم، بقيام منافسه ابن الأحمر في قطاع جيان، وخروج بعض المدن، ولاسيما إشبيلية عن طاعته وذلك حسبما نفصل في موضعه، فرأى أن يتفرغ لمحاربتهم بعقد الهدنة مع النصارى.

- ٤ -

بينما كان ملك قشتالة ينزل ضرباته المتوالية بالأندلس الوسطى، كان ملك أراجون خايمى الأول، يقوم بأول غزواته الكبرى في الناحية الشرقية لشبه الجزيرة، ونعنى غزو الجزائر الشرقية.

كانت الجزائر الشرقية أو جزر البليار، وهي ميورقة ومنورقة ويابسة، وعدة جزائر صغيرة أخرى، منذ افتتحها الموحدون من أيدي بني غانية في سنة ٦٠٠ هـ، يتعاقب في حكمها الولاة الموحدون، وكانت تتبع ولاية بلنسية من الناحية الإدارية. ولما اضطرمت الأندلس بالثورة على الموحدين، كان على الجزائر واليها أبو يحيى ابن يحيى بن أبي عمران التينمللى. وكان رابع الولاة الموحدين، مذ قام الموحدون بافتتاحها من أيدي بني غانية في سنة ٦٠٠ هـ (١٢٠٣ م)، ووليها منذ سنة ٦٠٦ هـ. وفي رواية أخرى هي رواية ابن عميرة المخزومي، في كتابه " تاريخ ميورقة "، أن أمير الجزائر كان عندئذ هو محمد بن علي بن موسى، وأنه هو الذي وليها في سنة ٦٠٦ هـ (٣) ولكننا نرجح الرواية الأولى، لأن الرواية النصرانية المعاصرة


(١) البيان المغرب ص ٢٨٨، وكذلك: J. Gonzalez: ibid ; p. ٢٩ y nota (٦٤)
(٢) البيان المغرب ص ٢٨٨، وروض القرطاس ص ١٨٣.
(٣) المقري في نفح الطيب ج ٢ ص ٥٨٤ نقلا عن تاريخ ميورقة للمخزومي، وهو كتاب لم يصل إلينا. ويقول لنا ابن الخطيب في ترجمته للمخزومى إنه ألف كتابا في "كائنة ميورقة " وتغلب الروم عليها. (الإحاطة ١٩٥٦ - ج ١ ص ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>