للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خايمى الأول أن يحقق تلك الأمنية. وكان انهيار سلطان الموحدين في شبه الجزيرة

واضطرام أنحاء الأندلس بالفتنة، وانتثار وحدتها وتفرق كلمتها مما يمهد لاسبانيا

النصرانية السبيل إلى تحقيق غايات الاسترداد La Reconquista بأيسر أمر، وانتزاع

أشلاء الأندلس المهيضة الممزقة، وكان على أراجون وهي تسيطر على شرقي شبه

الجزيرة، أن تجتنى تراث شرقي الأندلس، وكان الملك خايمي حينما وفد عليه

السيد أبو زيد الموحدي مطروداً من بلنسية في أوائل سنة ٦٢٦ هـ، يستعد بالفعل

لافتتاح الجزائر، وكان قد استدعى الكورتيس القطلونية في برشلونة في شهر

ديسمبر سنة ١٢٢٨ م، واقترح عليه أن يقوم بحملة عسكرية ضد ميورقة بغية

افتتاحها، وذلك لتأمين تجارة قطلونية في البحر المتوسط، فوافق الكورتيس

على هذا الاقتراح، ووافق على أن يقوم الملك بتحصيل ضريبة الماشية القرنية

للمعاونة في نفقات الحملة. وعرض أكابر الأحبار والرهبان، أن يشتركوا في

الحملة بأنفسهم وبمن يحشدونه من الفرسان والجند، كل وفق طاقته. وعرض

أكابر الأشراف القطلان، وفي مقدمتهم نونيو سانشيز كونت روسيون، وهوجو

دي أمبرياس، والأخان رامون وجلين دي مونكادا وغيرهم من الأكابر،

أن يشتركوا في الحملة، بحشود كبيرة من الفرسان والرماة والجند، فقبل الملك

هذه العروض، وتعهد من جانبه بأن يقدم مائتي فارس من أهل أراجون بخيلهم

وسلاحهم، كما تعهد بتقسيم الأراضي المفتوحة، والغنائم المكتسبة بالعدل،

والقسطاس، بين المشتركين في الحملة، كل وفق ما تكبده من النفقات، محتفظاً

لنفسه بالقصور والسيادة العليا على الحصون والقلاع. وأقسم الجميع على ذلك،

واتفقوا على الاجتماع في طرطوشة بعد اتمام العدة، في شهر أغسطس من

العام التالي (١).

وتم كل شىء وفق ما اتفق عليه. وفي اليوم الخامس من سبتمبر سنة ١٢٢٩ م

(١٤ شوال سنة ٦٢٦ هـ) خرج الأسطول الأرجونى يحمل قوات ضخمة من

ثغور سالو وطركونة وكامبريلس، وكان مؤلفاً من مائة وخمس وخمسين سفينة حربية

وعدد من القطع الخفيفة، التي يقودها بحارة مغامرون من الجنويين وغيرهم.

وبلغ عدد المقاتلين ألفاً وخمسمائة من الفرسان وخمسة عشر ألفاً من المشاة، هذا عدا

حشود من المتطوعين من أهل جنوة وبروفانس وغيرهم. ودفعت الرياح العنيفة


(١) M. Lafuente: ibid ; T. IV. p. ٧٥

<<  <  ج: ص:  >  >>