للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصرانية، حتى توفي فرويلا سنة ٧٦٤ م (١٤٦هـ)، وتولى أخوه ألفونسو من بعده حكم المملكة كلها، ولكنه لم يعش طويلا، وتوفي في العام التالي (٧٦٥ م) (١) فخلفه ابنه فرويلا الأول. وكان عبد الرحمن الأموي يكرس كل جهوده وقواه لقمع الثورة الخطيرة التي نظمها العلاء بن مغيث باسم الدعوة العباسية، فرأى فرويلا الفرصة سانحة لغزو الأراضي الإسلامية (٢) فعبر نهر دويرة في جيش ضخم وغزا لُك وبُرتقال وشَلَمنقة وشَقُوبية وآبلة وكورة وقشتالة (٣)، واستولى عليها من المسلمين، وعاث في تلك المنطقة سفكاً وتخريباً وضمها إلى أملاكه، فصارت جزءا من مملكة جلّيقية، حتى استعادها المسلمون بعد ذلك بنحو قرنين في عهد الحاجب المنصور. وتختلف الرواية الإسلامية في تعيين تاريخ هذه الغزوة فيضعها ابن الأثير قبل ذلك بأعوام في حوادث سنة ١٤٠هـ (٧٥٨ م) ويقول إن الذي قام بها هو تدويلية (تدفيليا) ابن أذفنش (ألفونسو)، ولكن ألفونسو توفي بعد ذلك كما رأينا (٤)، ويضعها ابن خلدون بعد سنة ١٤٢ هـ وهي التي يعينها تاريخا لوفاة ألفونسو، في عهد فرويلا، وقد تولى فرويلا الملك بعد وفاة أبيه حسبما تقول الرواية النصرانية في سنة ٧٦٥ م (١٤٧هـ) (٥). وعلى أى حال فقد كانت هذه الغزوة أعظم فتح قام به النصارى يومئذ في الأراضي الإسلامية، بعد افتتاح الفرنج لسبتمانيا واستيلائهم على أربونة أمنع مواقع ولاية " الثغر " قبل ذلك بأعوام قلائل.

وهنا ظهر خطر المملكة النصرانية واضحاً جلياً. ولم يكن عبد الرحمن الأموي بغافل عن ذلك الخطر، وكان رغم اشتغاله المتواصل بقمع الثورة والفتن الداخلية، يتحين الفرص لدرئه، ففي سنة ١٤٨ هـ (٧٦٦ م) أرسل بعض قواده إلى


(١) يضع ابن خلدون (ج ٤ ص ١٨٠) وفاة ألفونسو (أدفونش) في سنة ١٤٢هـ (٧٦٠م).
(٢) ينسب أشباخ هذه الغزوة لفرويلا الكبير (ج ١ ص ١٥٦) معتمدا على رواية ردريك الطليطلي، ولكن الرواية الاسلامية وهي أقدم من ذلك، تجمع على أنها وقعت بعد ذلك في عهد فرويلا ابن ألفونسو.
(٣) تراجع الأسماء الفرنجية لهذه الأماكن في جدول الأعلام التاريخية والجغرافية الملحق بنهاية الكتاب.
(٤) ابن الأثير ج ٥ ص ١٨٦.
(٥) ابن خلدون ج ٤ ص ١٢٢ و١٨٠؛ وكذلك المقري عن ابن حيان في نفح الطيب ج ١ ص ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>