للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يوافق بالهجرية الثالث عشر من شهر صفر سنة ٦٢٧ هـ (١).

وتتفق التواريخ النصرانية على روعة المذبحة التي وقعت عند دخول النصارى ميورقة، ويقدر بعضهم من هلك فيها من المسلمين بثلاثين ألفاً، والبعض الآخر بخمسين ألفاً. بيد أنه يبدو أن ذلك مبالغ فيه (٢).

ودخل الملك خايمى الأول، قصر المُدَينة، وهو قصر الولاة المسلمين، وأتى بالوالى أبي يحيى، وأمر بتعذيبه، واستمر تحت العذاب خمسة وأربعين يوما حتى توفي. وأما ابنه وكان صبياً في الثالثة عشرة، فتقول لنا الرواية النصرانية إنه نُصر وسمى بدون خايمي (٣).

على أن المعركة لم تكن قد انتهت بعد، فإن أبا حفص بن سيرى، وهو الزعيم الذي أشير إليه فيما تقدم، لما رأى هزيمة المسلمين، وسقوط المدينة في أيدي النصارى، خرج إلى الجبل، وتبعته طوائف كبيرة من الفارين، واجتمع له منهم عدة آلاف مقاتل، واعتزم المقاومة إلى النهاية، فم تمض سوى أيام قلائل حتى خرج إليه الملك خايمى في بعض قواته، ومعه فرسان من القطلان، واستمرت هذه القوة في مطاردة المسلمين، والاشتباك معهم في معارك متوالية، حتى قضت في النهاية على حشودهم، وقتل قائدهم ابن سيرى وذلك في اليوم العاشر من ربيع الآخر سنة ٦٢٨ هـ (١٣ فبراير ١٢٣١ م) أي لأكثر من عام من سقوط المدينة، وتم كذلك استيلاء النصارى على ما تخلف من المعاقل والحصون وذلك في شهر رجب من نفس العام (٤).

وهكذا فقد المسلمون جزيرة ميورقة الغنية الزاهرة كبرى الجزائر الشرقية، بعد أن حكموها أكثر من خمسة قرون، وكانا لافتتاحها وقع عميق في الأمم البحرية النصرانية، في غربي البحر المتوسط، واستقبل فيها بمنتهى الغبطة والرضى. بيد أنه لم يحدث كبير صدى في الأندلس، حيث كانت المعارك الأهلية الصغيرة


(١) ابن الأبار في التكملة (القاهرة) الترجمة ٤٠٠ و ٦٣١، وهو يجعل يوم الاثنين يوافق ١٤ صفر، وابن خلدون ج ٤ ص ١٧١، والروض المعطار ص ١٩١، وكذلك؛ Campaner
y Fuertes: Bosquejo Historico de la Dominacion Islamita en las Islas Baleares
(Palma ١٨٨٨) . p. ١٧٩-١٨٦
(٢) Campaner y Fuertes: ibid ; p. ١٨٨
(٣) M. Lafuente:ibid ; T. IV. p. ٧٩, Nota I
(٤) نفح الطيب ج ٢ ص ٥٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>