للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الألباء، وأن يحسن السيرة في رعيته، وأن يعنى بمجاهدة الكفار، وفقاً لما أمر الله في كتابه. ثم يختتم الكتاب بتلقيب ابن هود بالألقاب الآتية: " الأمير، الأصفهصلار الكبير، الأجل، المرابط، المثاغر، الغازى، مجاهد الدين، مجد الإسلام، جمال الأنام، نجم الدولة، عز الملة، معين الأمة، فخر الملوك، قامع المشركين، قاهر الخوارج والمتمردين، زعيم الجيوش، شرف الأمراء، تاج الخواص، أطال الله بقاءه، وأدام علوه ونعمته " (١).

وهكذا غدا ابن هود أمير الأندلس الشرعي، وتوجت زعامته بشعار الخلافة العباسية، حسبما كان عليه المرابطون أيام دولتهم وحكمهم للأندلس. وكان سلطان ابن هود يمتد يومئذ في شرقي الاندلس من الجزيرة وشاطبة حتى ألمرية جنوباً، وفيما بين ألمرية، والجزيرة الخضراء، وفي وسط الأندلس، فيما بين قرطبة وغرناطة، ولم يخرج عن سلطانه من القواعد الكبرى، سوى بلنسية في شرقي الأندلس، وجيّان في وسطها، وإشبيلية في غربها. وكانت إشبيلية قد دانت بطاعته، وولي عليها أخاه عماد الدولة حسبما تقدم، ولكن لم يمض طويل على ذلك، حتى نكث أهل إشبيلية ببيعتهم، وأخرجوا منها عماد الدولة، والتفوا حول زعيم جديد هو القاضي أبو مروان أحمد بن محمد الباجى، فاعتذر عن قبول الولاية أولا، ولبث حيناً على قاعدة الشورى، ثم تقلد الولاية، وبسط سلطانه على إشبيلية وقرمونة. وكان ذلك في سنة ٦٢٩ هـ (٢).

وعمد ابن هود على أثر تلقيه المرسوم الخلافى بالولاية. إلى اختيار ولده أبي بكر محمد لولاية عهده، ولقبه بالواثق بالله، المعتصم به. وقد وقفنا على رسالة في ذلك مدبجة بقلم أبي عبد الله بن الجنان، عن لسان ابن هود وموجهة منه إلى أهل شاطبة يبلغهم فيها ذلك الاختيار، وفيها ينعت نفسه " بمجاهد الدين، سيف أمير المؤمنين، عبد الله المتوكل عليه، أمير المسلمين محمد بن يوسف بن هود " ويخاطب الفقهاء والوزراء والقواد والأعيان والوجوه والنبهاء والكافة " بشاطبة وجهاتها، وما انضاف إليها من جهة بيران ودانية، وذلك من حضرتنا بمرسية ". ثم يعرب فيها، بعد الدعاء للنبى وللخليفة المستنصر بالله، عن محبته لهم، ويعلن


(١) يراجع نص المرسوم في أعمال الأعلام ص ٢٨٠ - ٢٨٦، ونشر البيان المغرب بعض فقراته ص ٢٧٧ و ٢٧٨.
(٢) البيان المغرب - القسم الثالث ص ٢٧٨ و ٢٧٩، وابن خلدون ج ٤ ص ١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>