للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوصاف محاسنها ألَبّ، وفيها أتته منيته كما شاء وأحب، ولم تعدم بعد محبين قشيبهم إليها ساقوه، ودمعهم عليها أراقوه ".

ويقول في رسالة أخرى:

" ثم ردف الخطاب الثاني بقاصمه المتون، وقاطبه المنون، ومضرمة نار الشجون، ومذرية ماء الشئون، وهو الحادث في بلنسية، دار النحر، وحاضرة البر والبحر، ومطمح أهل السيادة، ومطرح شعاع البهجة والنضادة، أودى الكفر بإيمانها، وأبطل الناقوس صوت أذانها، ودهاها الخطب الذي أنسى الخطوب، وأذاب القلوب، وعلّم سهام الأحزان أن تصيب، ودموع الأجفان أن تصوب، فيا ثكل الإسلام، ويا شجو الصلاة والصيام، يوم الثلاثاء، وما يوم الثلاثاء، يا ويح الداهية الدهياء، وتأخير الإقدام عن موقف العزاء، أين الصبر وفؤادى أنسيه، لم يبق لقومى على الرمى سيه، هيهات نجد ما مضى من أتنسيّه، من بعد مصاب حل في بلنسية.

" يا طول الحسرة، ألا جابر لهذه الكسرة، أكل أوقاتنا ساعة العسرة، أخي أين أيامنا الخوالى، وليالينا على التوالى .. كل رزء في هذه الرزء يندرج، وقد اشتدت الأزمة فقل لي متى تنفرج، كيف انتفاعنا بالضحى والأصائل، إذ لك يعد ذلك النسيم الأرج، ليس لنا إلا التسليم والرضى، بما قضاه الخلاق العليم. ومن نظم أبي المطرِّف بن عميرة في رثاء بلنسية قوله:

ما بال دمعك لا يني مدراره ... أم ما لقلبك لا يقر قراره

اللوعة بين الضلوع لظاعن ... سارت ركائبه وشطّت داره

أم للشباب تقاذفت أوطانه ... بعد الدنو وأخفقت أوطاره

أم للزمان أتى بخطب فادح ... من مثل حادثة خلت أعصاره

بحر من الأحزان عبّ عبابه ... وارتج ما بين الحشا زخّاره

في كل قلب منه وجد عنده ... أسف طويل ليس تخبو ناره

أما بلنسية فمثوى كافر ... حُفت به في عقرها كفّاره

زرع من المكروه حلّ حصاده ... عند الغُدوِّ غداة لجَّ حصاره

ما كان ذاك المصر إلا جنّة ... للحسن تجرى تحته أنهاره

طابت بطيب بهاره آصاله ... وتعطرت بنسيمه أشجاره

<<  <  ج: ص:  >  >>